الدولة الموعودة - المنهج التربوي لصلاح الأمة
المنهج التربوي لصلاح الأمة
يعتبر عصر الإمام الصادق(عليه السلام) عصر التأهيل النظريّ والتوسّع الاجتماعيّ وتكامل البناء وتحديد المعالم، وتشخيص الهويّة المتعلمة المتميّزة بالفكر والعقيدة والقيم والسلوك.
فمن أبرز ما اعتنى به الإمام الصادق عليه السلام عملية بناء الأمّة من خلال التركيز على إيجاد الكوادر والعناصر الصالحة.
فواصل الإمام (عليه السلام) تطويره للمدرسة الّتي أسّسها آباؤه الطاهرون (عليهم السلام) من قبله وانتقل بها إلى آفاق أرحب.
فاستقطبت الجماهير من مختلف البلاد الإسلاميّة، لأنّها استطاعت أن تُلبّي رغباتهم، وحاولت ملء الفراغ الّذي كانت تُعانيه الأمّة آنذاك.
فمن مميّزات الجامعة التي أسسها وقد سُميت "بجامعة الإمام الصادق" (عليه السلام) :
انفتحت لتضمّ طلّاب المعرفة! فلم تنغلق في المعرفة على خصوص العناصر الموالية فحسب، وإنّما انفتحت لمن يطلب العلم في مختلف الاتّجاهات الفكرية والعقائدية.
لم يقتصر التعليم فيها على حقل واحد - كالفقه أو الكلام مثلاً - وإنّما تناولت جامعته العلميّّة مجموعة العلوم الدينيّّة وغير الدينيّّة، فمن العلوم الّتي تناولتها بالبحث والتدريس: علم الفلك والطبّ/ والحيوان والنبات/ والكيمياء والفيزياء/ فضلاً عن الفقه/ والأصول/ والكلام /والفلسفة/ وعلم النفس والأخلاق.
وقد تربّى فيها كبار العلماء في مختلف فروع المعرفة الإسلاميّة والبشريّة.
حقّقت مدرسة الإمام عليه السلام إنجازاً في خصوص تدوين الحديث والحفاظ على مضمونه، بعد أن كان قد تعرّض في وقت سابق للضياع والتحريف والتوظيف السياسيّ، بسبب المنع من تدوينه.
خطّط الإمام عليه السلام في مدرسته لتنشيط حركة الاجتهاد وتخريج الفقهاء والمجتهدين، وأما الاجتهاد المشروع الذي أقره هو: طريق الاستنباط الصحيح للحكم الشرعيّ كما رسمه أهل البيت عليهم السلام.. فالاجتهاد في مذهب أهل البيت عليهم السلام هو اجتهاد في دائرة النصّ الشرعيّ (كتاب الله، وأحاديث النبي صلوات الله عليه وآله).
ومن هنا رسم الإمام عليه السلام منهج الاجتهاد في فهم النصّ وحارب اجتهاد الرأي المتمثّل في القياس والاستحسان كما حاربه القرآن وسائر الأئمّة عليهم السلام.
وتميّزت جامعته كذلك بالتخصّص العلميّ لأنّ للاختصاص دوراً كبيراً في تنمية الفكر الإسلامي والتخصّص.
وبالتخصّص تتميّز العطاءات، ويكون الإبداع وعمق الإنتاج، لذا وجّه الإمام عليه السلام التخصّص العلميّ، وتصدّى للإشراف على كلّ التخصّصات.
فتخصص العديد من العلماء والفقهاء أمثال:
هشام بن الحكم وهشام بن سالم اللذان تخصصًا في الفلسفة وعلم الكلام. وفي تفسير القرآن الكريم تخصَّص كلٌّ من زرارة بن أعين، ومحمّد بن مسلم، وأبو حنيفة ومالك بن أنس.
وأما في الكيمياء فقد تخصَّص جابر بن حيّان الكوفيّ، وهكذا في سائر التخصصات الأخرى. وبهذه الجامعة وضع عليه السلام كل المناهج المؤسسة لصلاح الأمة في جميع المجالات التربوية والأخلاقية والعقائدية والإجتماعية وغيرها.
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أٓيُّها الصَّادق يا مُصَدِّقاً فِي الْقَوْلِ والفِعل ورَحمَة الله وبَرَكاتُه.