مجتمع - الإختلاط واقعٌ وحدود 9
الإختلاط: واقعٌ وحدود
|9|
أعينوني بورعٍ .. وعفّة
كان علي اليوم سارحًا، على غير عادة، غارقًا في عالم مشاعره. التفت إليه الأستاذ وسأله الإنتباهَ إلى الشرح، فرفع نظره ناحيته ببطء وقال "هل تنصحني أن أفاتح والدها بالموضوع؟"
كان سؤاله مفاجئًا وفرصة في ذات الوقت، للتحدث مع الطلاب عن هذا الأمر. أوقف الأستاذ الدرس وأشار إلى الجميع للإنصات "أنتم أيها الأعزاء كما كل البشر، وصلتم إلى مرحلة النضوج الجسدي، وبدأت حاجتكم إلى الزواج تتضح في أعماقكم. ولكن، تعرفون أن هذا المشروع للأسف معقد قليلاً في عمركم، لأسباب مادية وإجتماعية كثيرة، ولما يحتاجه من نضوج عقلي كبير. ولهذا السبب، لا يمكنكم مواجهة هذه المشكلة إلا بأمرين:
قلّلوا قدر المستطاع اختلاطكم بالفتيات، ولا تدخلوا معهن في أحاديث عميقة. تجنبوا مشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج المنافية للآداب.
ومن جهة ثانية، عليكم تعزيز قيمة العفة بداخلكم، وأن تكفّوا عن التفكير بكل ما يثير الغرائز.
إملأوا أوقات فراغكم ببرامج هادفة وانقذوها من المفاسد".
خُلق أهل الجنة
يصف الله تعالى أهل الجنة بآيات تدل على صفة العفة، مثل "حورٌ مقصورات في الخيام" (الرحمن 72)
و "وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23)" ( الواقعة).
وهناك فكرة جميلة تتحدث عن تعامل أهل الجنة مع بعضهم من منطلق إنساني بحت، من دون تمييز بين مذكر ومؤنث!
فلماذا التركيز على خلق العفة في عالم الجنة المثاليّ؟
إنها إشارة مهمة إلى ضرورة التحلي بهذه الصفة الراقية لأنها ملَكة تحمل الإنسان على الإبتعاد عن تأثيرات النفس الشهوانية، وتساعده كثيرًا في عملية التكامل الأخلاقي والإنساني، حتى ولو لم تكن موضع ابتلاء أو تعدٍّ من المجتمع الخارجي، كما هو الحال في الجنة!
فكيف إذا كان هذا الأمر من أكثر البلاءات انتشارًا في دنيانا اليوم؟
عندها يصبح لِزامًا على المرأة تتويج إنسانيتها بالعفاف، وأن تعرف كيف تحترم أنوثتها وأمانة الشرف لديها، وتُبرِز الجانب الأكمل من شخصيتها، لكي تضمن رضا الباري أولاً ونظرة الإحترام والتقدير من المحيط الإجتماعي!
وعلى الرجل مسؤولية مضاعفة، باكتساب صفة العفاف وتمتينها من أجل تحصين فطرته وعدم الغرق في مستنقع الشهوات.
يقول الإمام الخميني المقدس "القوة الشهوية من القوى النبيلة التي أودعها الله في الإنسان لكي يحفظ بها نفسه ونوعه، فإذا كان تحركها منسجمًا مع العقل والشرع، ظهرت فيها السكينة والطمأنينة وملكة الإعتدال واكتسبت صفة عقلية بل إلهية، وهذه هي العفة" (بتصرف).
ومن هاتين النقطتين بالتحديد، يبدأ المجتمع بالتعافي من مخاطر الإختلاط وآفاته.