مجتمع - أريد أن آمر بالمعروف |2|
تربيتنا
أريد أن آمر بالمعروف
|2|
انتهى ذلك الوقت الذي كان يعامل فيه كطفل صغير، ينصاع لأوامر الكبار ويخضع لإرادتهم لقد أصبح الآن كبيراً له رأي يريد ممارسته، ودور يبحث عنه ليلعبه في المجتمع ويملأ به فراغه النفسي والزمني، فلنستغل هذه الميزة لتعديل سلوكه نحو الأفضل، فإذا أردنا تعديل سلوك الغيبة على سبيل المثال: يمكن استخدام الأسلوب المباشر كما يحدث في أغلب الحالات (تحدث عن الغيبة ومساوئها الدينية والاجتماعية..). يمكن عرض مشكلة واقعية كانت الغيبة هي سببها لنناقشها معا ثم الاستدلال، لكن الأهم إن استطعنا وضعه في موضع المصلح والدال على الإصلاح مثلا صديقك قد اغتاب كيف يمكنك تعديل سلوكه وأمره بالمعروف؟ وبالتالي عندما يصبح هو صاحب المشروع وطرح التغيير سوف يبدأ بنفسه بشكل تلقائي ويصبح عليها رقيبا.
ما هو عمر علاقتك المتينة بولدك؟ هل أنت مطلع على اهتماماته، عالمه ومجتمعه، وهو أيضا مطلع على عالمك ومجتمعك، هذا ليس هو الحل بل مدخل بسيط لفهم مشترك وفرصة أكبر للتأثير. فللشباب مميزات إن اقتربنا من عالمهم لحظناها وعملنا على استغلالها إنّ الشباب غرس نامٍ يستبطن الكثير من صفات الخير والتألق والنورانية، وهذا النقاء والمحبة التي نتوسمها فيكم ــ أيها الأعزاء ــ إنما منشؤها قلوبكم الطاهرة النيرة، وإنني أبادلكم هذه المحبة، وإن قلب أبيكم الهرم مفعم بمحبتكم أيها الشباب.
هل تذكر سلوكك، طريقة نظرتك للأمور حينما كنت في عمره؟ فثمة نصيحة تقول. لا تنصح قبل أن تفهم: (أي قبل أن تؤثر فيَّ لابد أن تفهمني، تفهم وضعي الخاص ومشاعري الفريدة). فهل نعلم أن الشاب يميل بشكل طبيعي إلى التنافس مثلا، ويمكن لنا استغلال هذه الخاصية لهدايته حيث يقول الإمام القائد الخامنئي "حسناً، إنّ التنافس الذي نطمح إليه ونأمل أن يتمرس عليه الشباب هو أن يكون مع النفس الأمارة بالسوء الداعية إلى الانحطاط والرذيلة والمانعة عن السمو والتكامل، وكبح جماح تلك النفس. والشباب مدعوون لمقاومة نوازع الشهوة والنزوات وجميع الحوافز التي تدفعهم إلى مثل هذه الرذائل"
لكي أضمن التأثير من أين يجب أن أدخل؟ إلى قلبه أم إلى عقله؟ هل هو ممن تغلب عليه العاطفة أم ممن يغلب عليه العقل والتحليل؟ هل آتيه وفي جعبتي الكثير من التعبير عن الحب واختيار المكان الدافئ الممتلئ بالحنان أم آتيه وفي جعبتي أدلة وأمثلة وتحليلات وآراء؟ مع أن للعقل والقلب معا حصة وافرة في نفس الشاب، وهو يحب العاطفة والتعبير عنها ولو أنه لم يظهر ذلك وهذه العاطفة يجب اشباعها داخل الاسرة. يقول الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم: "وأوصيكم بالشبان خيراً فإنهم أرق أفئدة، إن الله بعثني بشيراً ونذيراً فحالفني الشبان وخالفني الشيوخ ثم قرأ:﴿ َطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.
هل لدي اطلاع دقيق على النظرة الفقهيّه والتربوية حيال ما أطرحه؟ فثمة أمرين بغاية الدقة، أولا الحكم الشرعي الذي يجب أن أكون دقيقًا في توضيحه، وثانيًا ثقة يجب أن لا تهدم بيني وبين ولدي الذي بات اليوم شابًا ومن مميزات هذه المرحلة توقد القدرات فكرية فهو يسأل ويحلل ويدقق، فلا بأس بالتحضير والاطلاع وتحصيل التمكن من الموضوع المطروح، وتقديم بعض الكتب له كمراجع لتثبيت المعلومة.
هل ألتزم أنا بما سآمره به وأمثل نموذج قدوة أمامه؟ فالشاب بشكل خاص أكثر حاجة للنموذج والقدوة (الأهل والأنبياء والعلماء والشهداء وغيرهم)، مع خصوصية أن نكون نحن كأهل نماذج قدوة.
مع ضرورة تبيان أننا غير معصومين لكننا مسارعين إلى التوبة غير مصرين على المعصية، مثال أن نعترف أمامه أننا أحيانا كنا نمارس الغيبة وقد ندمنا لكن المشكلة لم تنتهي إذ كيف نحصّل المسامحة من أصدقاء الشباب بسبب عدم معرفتنا بعناوينهم مثلا، فنقدم له القدوة في التوبة والعزم على ترك الذنب كذلك.
بعضنا يتخيل أن أهم فعل في سبيل الأمر بالمعروف هو الشرح والاستدلال والاقناع وطرح الأمثلة والكثير الكثير من الكلام، مع أهمية كل ذلك، لكن هل حقًا للكلام فعالية وقدرة على التأثير أكثر من السلوك والتطبيق؟
كيف ندخل إلى عالم الشباب وإلى منطقهم وفهمهم، ثم التأثير على سلوكهم باتجاه الأمر بالمعروف؟
بإطلالة على خصائص مرحلة الشباب أو المراهقة، هذا ما قدمناه في مقالنا هذا.