مجتمع - الإعلام بين الدور والهوية |3|
ثقافتنا
الإعلام بين الدور والهوية
|3|
تصدُّع المعرفة
الموضوعية والحيادية ميزتان نشأت عليهما مهنة الصحافة والعمل الإعلامي ككل. لكنهما أصبحتا اليوم خدعة كبيرة، أو لِنقُل صفة مستحيلة التحقق، لماذا؟
- من ناحية قد أشرنا إليها سابقاً، وهي تنفيذ سياسة المموّل.
- ومن ناحية ثانية، هناك نظرية تُسمّى "نظرية الأولويات"، تفترض بأن كمّ الحوادث أكبر من أن تستوعبه وسيلة إعلامية واحدة، ما يحذو بهذه الوسيلة إلى انتقاء أخبارها ومنشوراتها بحسب ترتيب الأولويات التي تخدم سياستها ورؤيتها.
مثال: توجد انتخابات نيابية في لبنان، وفي نفس الوقت عدوان صهيوني في فلسطين.
من وجهة نظر القنوات اللبنانية، فإن الأولوية هي لتغطية العملية الانتخابية.. ما سيُعطي انطباعًا عامًّا أن الانتخابات في الوقت الراهن أهم من الحدث الفلسطيني، بغض النظر عن صحة الموضوع!
- والنقطة الثالثة في مبحث موضوعية الإعلام، هو انسياق أغلب المحطات والمواقع الإعلامية للنظام الليبرالي العالمي الحاكم، وفق رؤيتين أساسيتين:
- الحرية المطلقة التي تبيح للفرد تحديد أهدافه وبناء ذاته بما يتوافق مع مصلحته الخاصة.
- التنافس الشرس بين الأفراد والمؤسسات لكي يفرض القوي سلطته على الضعيف.
هاتين النقطتين انعكستا على العمل الإعلامي بشكل واضح جدًا، على مستوى سعي كل صحفي أو مراسل، وفي إطار منافسته مع غيره، أن يقنع المشاهد برسالته ومحتواها حتى لو اضطره ذلك لتلفيق بعض التفاصيل، أو الابتعاد نوعًا ما عن المصداقية والشفافية!
هذا الواقع، أوجد مشكلة معرفية كبيرة في الولايات المتحدة -حيث يبلغ التنافس الإعلامي مداه- يسمونها تصدع المعرفة. فقد اكتشف الباحثون أن الشعب الأمريكي لا يستطيع الوصول إلى مصادر المعرفة الحقيقية التي يحتاجها ليبني رؤيته على أساسها، بسبب الكم الهائل من الشائعات والأخبار المزيفة ما حذا بكثير من مراكز الدراسات أن تدرس هذا الموضوع وتجد له حلًّا!
ولكن، لماذا تسعى وسائل الإعلام إلى إيهامنا بموضوعيّتها دائما:
- لكي تكسب أكبر قدر من المتابعين من مختلف الفئات والانتماءات.
- لكي تنال الثقة العالية عند جمهورها.
يتبع..