مجتمع - الإعلام بين الدور والهوية |4|
ثقافتنا
الإعلام بين الدور والهوية
|4|
القَوْلبة النمطية وخطورتها
عندما ينقلب الشيطان إلى مخلوق ملكوتيّ جذاب، ويتحوّل الملاك إلى غولٍ مخيف، وتضيع بوصلة التمييز بين الحق والباطل، فاعلموا أن مكرًا خفيّا قد تمت حبكته بنجاح في غرف الإعلام السوداء!
والظواهر المتعلقة بهذا الموضوع كثيرة، نذكر منها:
• كيف صارت حليفةُ العربِ الأولى "إيران" فجأةً، الدولةَ الأكثر خطورةً على أمنهم؟
• وبأي منطقٍ يصبح كيان الإجرام والمجازر "إسرائيل" دولةً مسالمة!
• كيف نشَأت فوبيا الإسلام حول العالم وانتشرت كالنار في الهشيم؟
• وما علاقة الصلاة والتسبيح بالإرهاب!
كلُّ هذه الأوهام التي ركبَت عقول الناس وسيطرت على أفكارهم، هي وليدة لعبةٍ إعلامية خطيرة، تضع شعبًا وأمة بأكملها في صورةٍ نمطية مشوّهة! إنها القَوْلبة المعرفية.
لنعود إلى أصل الحكاية:
في إطار دراسة علم النفس السلوكي للإنسان، توجد نظرية مهمة جدا يستغلّها الإعلام كثيرا في محاولته لتوجيه سلوك الجمهور. تعتمد هذه النظرية على تجربة لعالم النفس الروسي "بافلوف" تناول فيها العلاقة بين مثيرٍ حقيقي وآخر وهمي وأثرهما على سلوك حيوانٍ أليف.
ووجد العالِم بأن الإنسان (كما الحيوان) سيتفاعل لا إراديًّا مع كل مثير وهمي تماما كردّة فعله تجاه المثير الحقيقي، فيما لو تمّ ربط المثيرين ببعضهما البعض.
والشاهد الأكثر وضوحًا على هذه المسألة هو وهم الإسلاموفوبيا: فقد استطاع الإعلام المُضلِّل أن يصنع صورة نمطية مشوهة للإسلام في عقل الإنسان الغربي وحتى الشرقي! عندما ربط بين المثير الحقيقي (الإرهاب) بالمثير الوهمي (وهو الإسلام) حيث أن كل شخص قد تعرّض لهذا النوع من التضليل الإعلامي، سيتصرف مع مَن يراه يصلي أمامه كما يتصرف مع إرهابيٍّ يحمل حزامًا ناسفًا!
وهكذا تتمكن من صناعة قالبٍ معرفيّ مشوَّه حول دينٍ ما أو دولة أو منظمة أو حتى مُنتَج معين، بشكل مغاير كليًّا للواقع، وتنجح إلى حد كبير في دمجه داخل وعي الجمهور المتلقي.