مجتمع - عالم شباب |2|

عالم شباب
|2|

مَن أنت؟
في غرفة بيضاء كبيرة، حيث تخترق حزمة الضوء الكثيف جفونه المتعبة، يفتح عينيه على وجوه غريبة من حوله.
لا يعرف من هم هؤلاء ومن أين أتوا، لا يعرف اصلًا ماذا يفعل هو هناك، وكيف وصل إلى تلك الغرفة!
كل ما يعرفه هو خفقة قلبٍ موجِعة غزَتْه من رسائل القلق والارتباك المخبأة في نظراتهم.
أراد أن يسألهم مَن يكونون، لكنه قبل أن ينطق بأية كلمة، أدار وجهه نحو النافذة وراح يفكر "مَن أنا"؟

لا شك أن شعور هذا المريض ليس مزعجًا فحسب، إنما هو مرعب ومدمر.
فلا يوجد أسوأ من شعور الإنسان بفقدان هويته: مَن أكون، ماذا أفعل في هذه الحياة، لماذا أتيتُ إلى هذا العالم.

والمشكلة الحقيقية أن ذلك الشخص ليس وحده من يعاني من الضياع والتيه والغربة!
فهناك الكثير ممّن يعيشون هذا الصراع، بلا هوية ولا قضية ولا أهداف.

المرحلة الحساسة التي تبرز فيها توجهات الفرد لبناء هويته هي مرحلة الشباب، حيث يرفض الشاب التبعية التامة لأهله، يرفض أن يملي عليه الناس ما يجب أن يفعل، يميل لاتخاذ وجهات نظر خاصة به، ويبدأ بالتفكير بتصميم حياته بحسب معتقداته وآرائه ومواقفه الشخصية.

ولعل أفضل الأسئلة التي تكشف لنا عن هوية الشاب وأصعبها في الوقت نفسه، هو سؤال "من أنت؟"
لأن الإجابة لن تقتصر على المحددات الخارجية كالاسم والنسب والتخصص والعمل.. بل هي أعمق من ذلك وأهم!

فكيف نحدد هويتنا الفردية والاجتماعية كشباب؟ وما هو انعكاس ذلك على حياتنا ومصيرنا؟ هذا ما سنتابعه في الفقرة القادمة.