أدب الموالين في عاشوراء - مجتمع عاشوراء |5|
مجتمع عاشوراء
|5|
كثيرةٌ هي تلك الدموع التي يذرفها أبناء المجتمع على الإمام الحسين عليه السلام، ولكن هل استحضر هؤلاء الباكون أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام وعملوا بها!
بلا شك فإنّ المتأمّل والقارئ لقضية كربلاء يعرف بأن الهدف الرئيسي من تلك المعركة والتي أراد الإمام الحسين عليه السلام تبيانه للأمّة هو الإصلاح: "وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي"، بحار الأنوار/ج44.
إن الإصلاح هو الهدف الرئيسي من ثورة الإمام، والإصلاح مفردة يتجدد مضمونها في كل عصر، وهو مطلب رئيسي في حياة الفرد والمجتمع والأمة، فالإنسان في مسيرته الشخصية يسعى لإصلاح نفسه وتأمين احتياجاته ومتطلباته الدنيوية والأخروية، والمجتمع (الحي) يسعى من خلال أفراده للإصلاح وسد الثغرات الموجودة فيه، وكذلك الأمّة تسعى من خلال المجتمعات الحيّة لإصلاح ثقافتها وفرض موقعيتها ورمزيتها بين الأمم، وكل ذلك نابع من خلال مفردة الإصلاح التي ضحّى الإمام الحسين عليه السلام بنفسه وأهله وصحبه من أجل غرسها في أفئدة الأمة، لكي تتحول من بعد ذلك إلى واقع ملموس.
ويستطيع المجتمع أن ينهض بنفسه، ويكون من أفضل المجتمعات بوجود طليعة تتحمل على عاتقها هذه المسؤولية، فهي لا تتطلب إلّا فئة من المجتمع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، مع ملاحظة أنّ جميع أفراد المجتمع بإمكانهم القيام بهذا الدور.
إن أفراد المجتمع في أيام عاشوراء يتوجهون إلى منبر الحسين عليه السلام لكي يستضيئوا بنور العلم، وينالوا بذلك ثواب إحياء وتعظيم شعائر الله.
فالمنبر الحسيني هو الإعلام الذي حفظ ثورة الإمام الحسين عليه السلام وأهدافها على مرّ العصور الغابرة، ومع تجدد الإعلام في هذا العصر وتطور التكنولوجيا ينبغي علينا الحفاظ على هذا المنبر، وذلك بالتطوير الذي يجعله يتناسب مع العصر، أي العمل على تطوير مؤهلات الخطباء وأسلوب طرحهم، وتحويل الخطاب إلى واقع عملي في المجتمع.. يلامس واقع الحداثة دون أن يتنازل أو ينسلخ عن معاني وأصول الدين الحقيقية.