عاشوراء - فتنة الظالمين |3|
فتنة الظالمين
|3|
عودة إلى زمن الجاهلية
قالها يزيد بحزم: "اقتلوا الحسين ولو كان معلّقًا بأستار الكعبة"، لكنّ الحسين (عليه السلام) لم يتعلق بأستارها، بل مضى في طريق الخلود واستشهد، فعاد ليسكن جوف الكعبة روحًا ووجدانا، وفاح عبق ثورته في ضمير المؤمنين.
فماذا يفعل يزيد حيال هذا الأمر؟
لقد تجرأ على:
- حرق الكعبة -بيت الله الحرام-،
- واستباحة مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أيام!
وهل تعظم عليه هذه الأفعال بعد فاجعة كربلاء!
طاغيةٌ واحد يرث طواغيت التاريخ بأجمعهم، فرعون موسى، نمرود إبراهيم، قيصر عيسى وهيرديس يحيى، كلهم انطلقوا من لحودهم المظلمة يقدمون هدايا النصر لساكن القصر الأخضر في دمشق.
من سمو الفضائل إلى وضيع الرذائل لكي يتضح لنا هول الإنحراف الذي حدث في بيئة الإسلام، سنختصر حال هذا المجتمع في حياة رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله).
لقد قام النظام النبوي على أربع ركائز هي:
1- المعرفة بكل متفرعاتها الدينية والإجتماعية والسياسية، ومعرفة الطبيعة. فالرسول (ص) لم يترك أي غموض او التباس إلا وضّحه وأزاله. هذه المعرفة أدت فيما بعد إلى تراكم العلوم وبلغت بالدولة الإسلامية إلى ذروة المدنيّة والحضارة العلمية.
2- العدالة المطلقة: فقد وضع الدين الإسلامي أسسًا حقوقية وقضائية تتناول كافة شؤون الفرد وتفاصيلها، لكي لا يضيع لصاحب الحق حقه.
3- العبوديةالخالصة لله تعالى والإرتباط به جلّ وعلا والعناية التامة بالعبادات الفردية من جهة، والتأكيد على مسألة خلافة الله في الأرض وبناء المجتمع من جهة ثانية.
4- المحبة الغامرة والعاطفة الفياضة وهي من أبرز سمات المجتمع الإسلامي، حب الله وحب الناس جميعًا، الأرحام والأصدقاء، الأخوة في الدين والنظراء في الخلق.
فما الذي فعله يزيد في هكذا مجتمع متكامل حتى ينتهي به المطاف بأن يتخلى عن ابن بنت النبي، ويتركه وحيدا يصارع الظلم في وجه عبيد الجهل والدنيا؟ هذا ما سنكتشفه في الفقرة القادمة.