عاشوراء - كمال المجتمع الكربلائي |4|
كمال المجتمع الكربلائي
|4|
تراجيديا الصبر
جميع الأفلام السينمائية تحكي قصص أبطالٍ، حول شخصياتهم وحياتهم تدور معظم أحداث الرواية.
والبديهي أن السيرة الحسينية تقوم على ذات المنطلق، فإذا أراد العقل تصوير هذه التراجيديا الحزينة، سيتعين عليه اختيار بطلها، وتسليط الضوء على كل حركاته وكلماته.
لكن المفارقة هنا، أن مخرج هذا الفيلم اصطدم بمنافسة قوية على الشخصية التي ستلعب دور البطولة.
فكاتب السيناريو قد حدد مسبقًا أن الإمام الحسين (عليه السلام) هو محور تلك الواقعة وقطب رحاها. ولكن أثناء التصوير، برزت إلى جانب الإمام شخصية أخرى لفتت كل الأنظار نحوها، وهي سيدة مملكة الصبر زينب (عليها السلام).
فمنذ اللحظات الأولى اتخذت الموقف المناسب الذي عجز عنه لجرأته أغلب كبار القوم، مع علمها أن أوقاتًا عصيبة ستمر عليها برفقة أخيها الحسين وأنها ستعاني الكثير الكثير في هذه الرحلة.
ثم كانت هناك، في قلب الأحداث التي تشبه بقساوتها زلزلة يوم القيامة، فلم تتزلزل قدماها برهة واحدة! يا لصبرها العظيم، وهي عند كل مصيبة تحمد الله، وعند كل بلاء يزداد يقينها، وأمام أعتى ظلّام عصرها، كان ردها مدويًا، كأنها لم تتجرع الحزن يومًا، فلا جزع ولا انكسار أمام المجرمين.
مصداق الصبر الحقيقي
التعرض للصعوبات ومواجهتها ليس معيارًا لبيان قوة الصبر داخل الإنسان، لأن كثيرًا من الناس تمر في حالات ابتلاء معينة، ثم تخرج منها بنتائج متفاوتة، فكيف نقيّم درجة الصبر في نفوسنا؟
• مفهوم الصبر يعتمد أساسًا على حالة من القناعة والرضا، فلا يصدر من الإنسان المُبتَلى ما ينافي هذه الحالة من تذمر أو شكوى أو اعتراض على مشيئة الله تعالى.
والأشخاص الصابرون، لديهم قوة ذاتية وشخصية تمكنهم من تحمل الصعاب واجتياز العقبات بنجاح كبير. فكما يقول الشاعر "وتصغر في عين العظيم العظائمُ"، إذ إن الصبر له من العوائد على النفس في تقوية عزيمتها وحملها على الإصرار في سبيل الوصول إلى هدفها العظيم.
نجباء أهل العزم
هذا الصبر المرير الذي صمّم على تجرعه أهل العزائم بكأس مولاهم الإمام الحسين (عليه السلام)، مذ أطبق جفن عيونهم ايماءً بالمسير معه، كانت نتيجته ذاك الوميض الساطع لثورة الحق الذي اخترق تعاقب الأجيال كلها، فحطّ عند كل جيلٍ شعاعًا من نهج الحسين (عليه السلام).