عاشوراء - مصارع الكرام |1|

مصارع الكرام
|1|

ممهدون

على درب التمهيد لقدوم المخلّص، كان هناك رجلان غريبان في دنيا كوفتهما العجيبة.. كما كل منتظِرٍ مهدويٍّ عاشق، يعرف معنى الغربة في دنيا الشهوات والفجور.

وكان في الكوفة عاشقون كُثر، بارعون جداً في كتابة رسائل الغرام، وفي خَطِّ أحرف الوله والهوى، لكنّهم فاشلون في مواقف الحبّ الحسيني المعمّد بالدم.

هؤلاء كانوا يسمّون أنفسهم "ممهدون" أيضاً‼️ ولكن شتان بين الحالتين.
هل يكفي أن تذرف الدموع، وتستجدي محبوبك القدوم حتى تكون ممهداً؟
هل يكفي أن تبعث إليه برسائل شوقك، وحنينك، واحتياجك؟ 

الأمر فعلاً يدعو إلى التعجب والتأمل، فأهل الكوفة كانوا يعشقون الحسين، وينتظرون قدومه بشوق ولهفة! ويُهيّؤون أنفسهم للجهاد بين يديه.
هؤلاء الناس يشبهوننا إلى حدٍ كبير، لقد كانوا مسلمين مستضعفين يرفضون الظلم ويوالون الحق، معروفون بالولاية لأمير المؤمنين ولأهل البيت عليهم السلام.
كانوا يَعدّون الأيام والليالي لقدومه، وكم فرحوا عندما وصل إليهم موفده مسلم! فلم يترددوا بتاتًا في نصرته ومبايعته.

القصة تتقاطع كثيراً مع منتظري هذا الزمان. فكيف نعرف أنه لن ينتهي بنا الحال مثلهم بالتخاذل، والتراجع، والضعف، والجبن!
كيف نعلم أننا ثابتون أبداً على نهج الانتظار، والتمهيد الحقيقيين؟

المعيار بسيطٌ وواضح: فنحن لدينا نموذجين من الولاية والتمهيد.. نموذج هانئ بن عروة، الناصر الفعلي، والمدافع الفدائي لنائب وليه وإمامه مسلم بن عقيل. والنموذج الآخر: نموذج أهل الدنيا من الكوفيين المتخاذلين!
 فما هو الفارق الجوهري بين هذين النموذجين؟
ومن هو مسلم واقعنا وهانئه؟
تابعوا حديثنا في الفقرة القادمة.