عاشوراء - مصارع الكرام |2|
مصارع الكرام
|2|
نائب الولي، مسلم
ثمانون ألف دارٍ في الكوفة لم يجد بينها ولو داراً واحدةً تأويه!
ثمانون ألف بابٍ إلا واحدٍ، أًغلقت جميعها في وجه مسلم. وفتحت طوعة الشريفة باب جنانها وإحسانها للعزيز، رسول العزيز.
وابن زيادٍ المذعور المختبئ خلف أسوار قصره ما زال مذهولاً: أين ذهبت تلك المئات التي كانت تحاصره لتوها؟
أين اختفت كل الهتافات التي طنّت أذنيه لساعاتٍ بنداء الحسين وابن عمه؟
لينجلي في ظلام تلك الليلة مشهد الانهيار الكوفي المخيف!
لقد كتب لهم أبو عبد الله الحسين عليه السلام رسالةً جاء فيها "وإني باعثٌ إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي.."، فمن تراه يكون "ثقة الحسين" هذا؟
هو واحد من شجعان بني أبي طالب الذين يشهد لهم تاريخ البطولة، هو العالم الزاهد العابد، ذي البأس الشديد ورباطة الجأش المحيرة والعزيمة والقوة النفسية الداخلية التي لا تنهزم.
المهمة الاستشهادية: مسلم بن عقيل لم يلعب دور الرسول الذي يوصل رسالةً ويعود أدراجه فحسب.. إنما كانت مهمته أعظم وأخطر بكثير.
فمن الواضح أن الحسين عليه السلام قد أوكل إليه مهمة تهيئة الظروف والنفوس وقيادة التحركات السياسية والعسكرية وتجهيز الجيش وإعداده إلى حين وصوله إلى الكوفة.
▪️ بمعنى آخر، لقد كان مسلم في مقام نيابة الإمام سيد الشهداء عليه السلام!
ومع ملاحظة علاقة الكوفيين مع مسلم ووقائع الميدان، يمكننا أن نربط بين مستوى الطاعة المطلقة والثبات مع نائب الولي وتأثيرها على حركة الولي فيما بعد.
وقد أشار الإمام الحجة المنتظر أرواحنا له الفداء إلى هذه النقطة في رسالته للشيخ المفيد: "وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله.
▪ ️وهذا مسلمنا الجديد، ونائب ولينا الغائب، وحجته على أتباعه وشيعته.
كل همه أن يهيئ الأمة لملاقاة إمامها الذي حجبته كثرة الذنوب!
وكل سعيه أن يمهد كوفة قلوبنا لنصرة صاحب الزمان.
وما زالت امتحانات الثبات والطاعة تتوالى أحداثًا تلو أحداث.
فهل نكون لمسلمنا الغريب ولحسين عصرنا المنتظر هانئاً وطوعة؟؟ أم شبث بن ربعي، ويزيد بن الحارث وغيرهم؟
يتبع..