عاشوراء - أسباب تفجير الثورة الحسينية الكبرى |4| حكومة معاوية وسياسته |1|
ديننا
أسباب تفجير الثورة الحسينية الكبرى
|4|
حكومة معاوية وسياسته
|1|
بعد اضطرار الإمام الحسن عليه السلام إلى الصلح والتخلي عن الحكم مؤقتاً تحت ضغط الأحداث استولى معاوية بن أبي سفيان على الخلافة واتسقت له الأمور، وسيطر على العالم الإسلامي كله بعد أن أُخذت له البيعة على الناس في شوال سنة إحدى وأربعين للهجرة.
وقد مارس معاوية خلال حكمه سياسة بعيدة عن قيم الإسلام، كانت تقوم على المبادئ التالية:
١- الإرهاب والتجويع.
٢- إحياء النزعة القبلية واستغلالها.
٣- التخدير باسم الدين وشل الروح الثورية.
ولنأخذ هذه المبادئ بشيء من التفصيل:
- سياسة الإرهاب والتجويع
لقد اتبع معاوية سياسة الإرهاب والتجويع على الرعايا المسلمين الذين لا يتفقون معه في الهوى السياسي، وإطلالة قصيرة على تاريخ هذه الفترة من حياة المسلمين تثبت هذه الدعوى.
نص المؤرخون على أن هذا الإرهاب بلغ حداً جعل الرجل يفضل أن يقال عنه أنه زنديق أو كافر ولا يقال عنه أنه من شيعة علي عليه السلام، وقد بلغ بهم الحال أنهم كانوا يخافون من النطق باسمه حتى فيما يتعلق بأحكام الدين التي لا ترجع إلى الفضائل التي كان الأمويون يخشون شيوعها، فكانوا يقولون "روى أبو زينب"، وقال أبو حنيفة: أن بني أمية كانوا لا يفتون بقول علي ولا يأخذون به، وكان علي لا يذكر في ذلك باسمه.
وحظر الأمويون على الناس أن يسموا أبناءهم باسم علي عليه السلام.
وكتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: "أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته".
فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون علياً، ويبرؤون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته.
وكان أشد الناس بلاءً حينئذٍ أهل الكوفة، لكثرة من بها من شيعة علي عليه السلام، فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليه البصرة، فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف، لأنه كان منهم أيام علي عليه السلام، فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم عن العراق، فلم يبقَ بها معروف منهم.
فلم يزل الأمر كذلك حتى استشهد الحسن بن علي عليه السلام، فازداد البلاء والفتنة، فلم يبقَ أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض.
هذا عرض موجز للسياسة التي تتناول حياة الناس وأمنهم، وأما السياسة التي تتناول أرزاق الناس وموارد عيشهم فلا تقل قتامة وكلوحاً وإيغالاً في الظلم على سابقاتها.
وهناك بعض الشواهد على ما نقول. كتب معاوية إلى عماله بعد عام الجماعة: ".. انظروا إلى من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه. وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره".
وكثيراً ما كان الأنصار يمكثون بلا عطاء ولا ذنب لهم إلا أنهم ينصرون أهل البيت عليهم السلام.
وكان من جملة الأساليب التي اتبعها معاوية لحمل الحسين عليه السلام على بيعة يزيد حرمان جميع بني هاشم من عطائهم حتى يبايع الحسين عليه السلام.
وهكذا حرم المسلمون من أموالهم لتنفق هذه الأموال على الزعماء القبليين، والقادة العسكريين، وزمر الكذابين على الله ورسوله.
وقد طبقت هذه السياسة سياسة الإرهاب والتجويع بالنسبة إلى المسلمين عموماً، وبالنسبة إلى كل من اتّهم بحب علي وآله على الخصوص.
انتظرونا، يتبع..