عاشوراء - العشق الحسيني |2|
العشق الحسيني
|2|
اطمئنان الشهادة
الليل مطلق العنان في هذه الصحراء التي لن يظهر فيها قمر كالذي سطع قبل شهادة الحسين (عليه السَّلام).
جلس الحسين (عليه السَّلام) مع أهله وصحبه، رجال سيماهم في وجوههم اطمئنان الشهادة، ورزق الفوز، وعشق النبوة، وولاء الرجال، وعناق القلوب والحنين إلى لقاء محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وسلم).
الحسين سلام الله عليه، هالات النور المصفى تحيط بجبهته الشريفة وترسم عطر الشهادة فوق شفتيه وعلى لحيته، يرقب ابنه العليل في حضن عمته زينب، تلك العظيمة التي وثبت حزناً وألماً عندما سمعت الحسين يهمس بأبياتٍ ينعى فيها نفسه وقالت (عليها السلام):
- واثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم ماتت أمي فاطمة، وعلي أبي، وحسن أخي..
- سمعها الحسين فاقترب منها وعانقها مبللاً بدموع أخ كريم وشهيد لا يهاب الموت.
- هوت بكلّها على صدره الشريف:
بأبي أنت وأخي يا أبا عبدلله، فداك نفسي!
حتى سقطت مغشيًّا عليها، هي من وثقت أن الحسين ذاهب للموت، تاركاً لوعة نفسها وحرقة قلبها..
الحسين (عليه السَّلام) يقول لأخته العقيلة زينب:
يا أختاه! تعزّي بعزاء الله، واعلمي أن أهل الأرض يموتون، وأن كل شيء هالك إلا وجه الله، خلق الأرض بقدرته، ويبعث الخلق فيعودون، وهو فرد وحده، أبي خير مني، وأخي خير مني، ولي ولهم ولكل مسلم برسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه) أسوة.
والسؤال الكبير: هل خرج الإمام الحسين طلباً للشهادة؟ هل قاتل في سبيل الحكم والحكومة؟
لم يكن خروج الحسين (عليه السَّلام) ولا قتاله طلباً للحكم! ولم تكن مناضلته وإصراره طلباً لنفوذ وسلطان أو طمعاً في شهادة
كان العطاء الاستشهادي للحسين (عليه السَّلام) نموذجاً للارتكاز على الحق والاستناد على العدل.
كان استشهاد الحسين (عليه السَّلام) نموذجاً لنا في كل زمان، من أجل الوقوف ضد الظلم بما أوتينا من قوة وإيمان، مقاومة الظلم والجور حتى آخر قطرة دم.
السلام عليك يا أبا عبدالله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين …
يتبع..