عاشوراء - الحسين عليه السلام.. ثار الله |3|
الحسين عليه السلام.. ثار الله
|3|
كيف يكون الحسين ثار الله؟
أن يكون الحسين (عليه السلام) ثأرًا لله، فهذا يعني إخراجًا لمقتل الحسين (عليه السلام) عن قضية الحسابات والثارات الشخصية والعشائرية التي كانت ولا زالت تنتشر في الواقع العربيّ والإسلاميّ من خلال منطق الأخذ بالثأر الذي لا يراعي حدود الله في كثيرٍ من الأحيان.
فثأر الحسين (عليه السلام) طبقًا لهذا المصطلح ليس ثأرًا عشائريًا تتولاه عشيرة بني هاشم أو أقاربه، وإنّما ثأره عند الله تعالى. ونحن نعلم أنّ الله ليس له حسابات وعداوات شخصيّة، وإنما حساباته هي حسابات الحقّ والعدل، ممّا يحتّم علينا أن نفهم المعركة مع قتلة الحسين (عليه السلام) في هذا السياق، أي أنّ كلّ من يعادي الحقّ ويسير في خطّ الظلم فهذا هو عدوّ الحسين وهو من نطلب ثأرنا منه، وبهذا تتحوّل القضيّة إلى مسألة حركيّة ومستمرّة على مدى الأزمان والدهور، فطالما هناك حقٌّ وهناك باطل، علينا أن نقف إلى جانب الحقّ في وجه الباطل ونأخذ بثأرنا للحسين (عليه السلام) ولأبيه علي (عليه السلام) ولكلّ من قدّموا أنفسهم على مذبح العدالة والحرية، نأخذ بثأرنا لهم بالانطلاق في خط العدل.
من جهةٍ أخرى، فإنّنا قد نستوحي من أنّ الحسين (عليه السلام) ثأر الله، أنّ الله تعالى هو من يتكفّل بالانتقام العادل لمقتل الحسين (عليه السلام)، وذلك قد يكون من خلال السنن التي أجرى الله عليها هذا الكون. ومن هذه السنن أنّ الظلم لا يمكن أن يستمرّ أو يستقر بل لا بدّ أن يأتي اليوم الذي يُشاد فيه صرح العدل على أنقاض الظلم والظالمين، وهذا ما يشير إليه الدعاء المعروف "اللّهم اجعلنا من الطالبين بثأره مع إمامٍ منصورٍ من آل بيت محمّد". فالمهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يأخذ بثأر الحسين (عليه السلام)، ليس بالمعنى العشائريّ، بل بالمعنى الرساليّ، فهو (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يواجه الظالمين والمفسدين، ويقيم دولة الحق، وبذلك يثأر للحسين، ويكون الحسين (عليه السلام) فعلًا "ثأر الله".
عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثماليّ قال: سألت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر (عليه السلام): ".. فقلت يا بن رسول الله! كلّكم قائمين بالحقّ؟ قال: بلى. قلت فلمَ سُمّي القائم قائمًا؟ قال (عليه السلام): لمّا قُتل جدّي الحسين (عليه السلام) ضجَّت عليه الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب وقالوا: إلهنا وسيّدنا أتغفل عمّن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك، فأوحى الله عزّ وجلّ إليهم قرّوا ملائكتي، فوعزّتي وجلالي لأنتقمنَّ منهم ولو بعد حين، ثمّ كشف الله عزّ وجلّ عن الأئمة من ولد الحسين (عليه السلام) للملائكة، فسرَّت الملائكة بذلك فإذا أحدهم قائمٌ يُصلّي، فقال الله عزّ وجلّ: بذلك القائم أنتقم منهم".