عاشوراء - الدعاء المبارك |2|

الدعاء المبارك 
|2|

يعلّمنا الإمام عليه السلام أن الدعاء عبادة!.. عبادة تقوم على سؤال العبد لربه وهو الطلب منه، فتتعدّد الأدعية في الإسلام فهي طلب من الخالق بكل خوف وبكل خضوع، فيلجأ العبد في وقت الشدة إلى الله عز وجل ليستجيب له الدعاء، فهو عبادة من أفضل العبادات التي يحبّها الله خالصة له ولا يجوز أن يصرفها العبد إلى غيره، فالدعاء يزيل الغم والهم ويفكّ الكربات وهو من أجمل العبادات والتي منها دعاء الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.
فحين أصبح الحسين عليه السلام يوم عاشوراء قال : "اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل همّ نزل بي ثقة وعدة".
وجّه الإمام عليه السلام نظر الناس الذين معه وهم أصحابه الأوفياء، إلى قوة الله عز وجل، وإلى الثقة به، وإلى التوكل عليه.
فصحيح أن المقاتل في المعركة يحتاج إلى عتاد وأسلحة، وكل ما يعينه ويتقوّى فيه على الأعداء، ولكن يقول الإمام ما دامت قوتك يا رب تمدّني فأنت العدة لي والعدد!
فالإمام يعلم أن عدد أعداءه كبير، ويعلم أن أنصاره عددهم قليل، ولكنه يعتمد على قوة لا تتناهى وهي قوة الله.
فيقول مهما كان العدد والعتاد كبير، فهو صغير في نظري يا رب، لأنني لا أستلهم القوة إلا منك.
فيعلّمنا الإمام عليه السلام بأن لا نغترّ بقوّتنا أو بما نملك من مظاهر خدّاعة توهمنا بأننا الأقوى، فلا قوة إلا بالله ولا معين غيره سبحانه وتعالى في كل شدة ورخاء.
وقوله عليه السلام " كم من كرب يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه القوة.
صحيح! توجد كروب يضعف فيها الفؤاد، حيث أن الإنسان ليس بالحجر وبدون مشاعر وأحاسيس، بل هو كلما زاد علمه ومعرفته ازدادت أحاسيسه. لذلك كان الأكثر حزنًا على الحسين عليه السلام، حيث تتبيّن هذه المشاعر، ويتبيّن وعيه لقضية الحزن ويتفطّر قلبه على مقتل سيد الشهداء عليه السلام أكثر من ذاك الذي يقول مثلًا: أنا لا أبكي، أو لا أتأثر، فقد خُلق الإنسان وجُبل على الحزن والفرح وما أعظم أن يكون حزنه على إمامه الذي قُتل عطشانًا وغريبًا ومسلوبًا ومظلومًا!
فالموقف الذي كان فيه الإمام يوم عاشوراء من أشد الكربات التي يتأثر بها الإنسان المؤمن فيضعف قلبه وتقل فيه حيلته، حيث لا ناصر له ولا معين، فيتوجّه عندها إلى الخالق سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع رهبة وخشية وتوسلا ليقوى بقوّته تعالى.
يتبع..