قدوتنا
أصحاب الحسين عليه السلام في كربلاء، أعلى درجات القرب واليقين
|4|
الجزء الثالث
4. قيس بن مسهر الصيداوي:
وتحرّك قيس على وجه السرعة سابقاً ركب الحسين (عليه السلام) ليصل الكوفة، لكن عبيد الله بن زياد كان قد وصلها وسيطر على الاُمور، وبعث بأفواج جيوشه تراقب الداخل والخارج إلى الصحراء.
فألقت بعض عساكره القبض على قيس بن مسهر في القادسية، وجيء به إلى عبيد الله بن زياد، فأخرج قيس الكتاب ومزّقه، فلما حضر بين يدي عبيد الله قال: مَن أنت؟
قال: رجل من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام).
قال: فلماذا مزّقت الكتاب؟
قال: لئلاّ تعلم ما فيه.
قال: ممّن الكتاب وإلى مَن؟
قال: من الحسين (عليه السلام) إلى قوم من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم.
فغضب ابن زياد وقال: اصعد فسبّ الكذّاب ابن الكذّاب الحسين بن علي بن أبي طالب.
فصعد قيس القصر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس، هذا الحسين بن عليٍّ خير خلق الله، ابنُ فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنا رسوله، وقد فارقته في الحاجز فأجيبوه.
ثمّ لعن عبيد الله بن زياد وأباه، واستغفر لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام). فأمر عبيد الله به فاُلقي من فوق القصر فمات (رضوان الله عليه).
وبينما الحسين (عليه السلام) في الطريق إذ طلع عليه ركب أقبلوا من الكوفة، فإذا فيهم هلال بن نافع الجملي، وعمرو بن خالد، فسألهم عن خبر الناس، فقالوا: أمّا الأشراف فقد استمالهم ابن زياد بالأموال فهم عليك، وأمّا سائر الناس فأفئدتهم لك وسيوفهم مشهورة عليك.
قال: "فلكم علم برسولي قيس بن مسهر؟".
قالوا: نعم، قتله ابن زياد.
فاسترجع (عليه السلام) واستعبر باكيًا، وقال: "جعل الله له الجنّة ثواباً. اللهمَّ اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً إنّك على كلِّ شيء قدير"[4].
هوامش:
[4]مثير الأحزان: محمد بن جعفر بن أبي البقاء (ابن نما الحلي): 31
(بتصرف)