ديننا
الإمام زين العابدين عليه السلام أثناء عاشوراء وبعدها
|3|
الجزء الرابع
دوره بعد عاشوراء:
إنّ أعظم الأدوار الّتي مارسها الإمام السجّاد (عليه السلام) هي:
1- أنّه دوّن الفكر الأصيل للإسلام: كالتوحيد، والنبوّة، وحقيقة المقام المعنويّ للإنسان، وارتباطه بالله تعالى.
2- تعريف الناس إلى أحقّية أولئك الّذين ينبغي أن يتسلّموا زمام الحكم. إذ كيف يمكن لأهل البيت (عليهم السلام) تشكيل حكومة في الوقت الّذي كان الإعلام والتبليغ ضدّ آل الرسول قد ملأ العالم الإسلاميّ طوال عشرات السنين حتّى عصر الإمام السجّاد (عليه السلام)؟ لهذا، فإنّ أحد الأهداف والتحرّكات المهمّة للإمام السجّاد (عليه السلام) كان يرتبط بتعريف الناس إلى أحقّية أهل البيت، وأنّ مقام الولاية والإمامة والحكومة حقٌّ ثابت لهم وهم الخلفاء الواقعيّون للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم). وهذا الأمر، إضافة لما له من أهميّة عقائدية وفكرية، له ماهيّة سياسية وهي الارتباط بالحركة السياسية المناهضة للنظام الحاكم.
3- كان على الإمام السجّاد (عليه السلام) أن يؤسّس الأجهزة والتشكيلات الّتي يمكن أن تكون منطلقاً أصلياً للتحرّكات السياسية المستقبلية، ففي مجتمع ممزّق، يعيش تحت أنواع القمع والفقر والتضييق الماليّ والمعنويّ، حتّى أنّ الشيعة عاشوا من الرعب والتضييق إلى درجة أنّ تشكيلاتهم تلاشت فكيف يمكن للإمام السجّاد (عليه السلام) أن يبدأ عمله وحيداً أو مع مجموعة قليلة وغير منظّمة؟ لهذا كان همّ الإمام السجاد (عليه السلام) أن يبدأ بتشكيل هذه التنظيمات الّتي كانت، موجودة منذ أيّام أمير المؤمنين (عليه السلام) غير أنّها ضعفت وتلاشت إثر واقعة عاشوراء والحرّة وثورة المختار.
وبهذه الأعمال الثلاثة سوف تتهيّأ أرضيّة إقامة الحكومة الإسلاميّة والنظام العلَويّ.
بسبب مرحلة القمع الشديد الّتي كان يعيشها الإمام السجّاد (عليه السلام)، لم يستطع أن يبيّن تلك المفاهيم بصورة واضحة ولذلك كان يستفيد من أسلوب الموعظة والدعاء (خاصّة أدعية الصحيفة السجّادية والبيانات والروايات الّتي نُقلت عن الإمام (عليه السلام) والّتي كانت تطغى عليها حالة الموعظة)، وبهذا اتّبع الإمام السجّاد (عليه السلام) منهجاً حكيماً وشديد الحذاقة. وبذلك الأسلوب الّذي ظاهره موعظة الناس ونصحهم، أدخل الإمام (عليه السلام) إلى أذهانهم ما يريده، وهذا من أفضل أشكال التعاطي الأيديولوجيّ والفكريّ الصحيح.
المصدر: الإمام السجّاد عليه السلام في كلام الولي دام ظله، شبكة المعارف الإسلامية (بتصرف).