www.tasneem-lb.net

عاشوراء

مناسبات - وفاة رسول الله الوداع الأخير |1|

وفاة رسول الله

الوداع الأخير

|1|

 

كان القلق والاضطراب يلفُّ المدينة المنورة بأسرها، فصحابة النبي يحيطون ببيت رسول الله صلّى الله عليه وآله بعيون باكية، وقلوب حزينة، ليطّلعوا على صحته، وكانت تخرج من منزله بين الحين والآخر أخبار عن اشتداد مرضه، وتفاقم وجعه، لتقضي على كل أمل بتحسّن حالته، وتجعل الناس على يقين بأنه لم يبقَ من حياة رسول الله صلّى اللّه عليه وآله إلا سويعات قلائل، وأنه سرعان ما تنطفئ الشعلة المقدّسة، التي أنارت العالم بضيائها.

كان فريق من الصحابة يودّون أن يزوروا نبيّهم وقائدهم من قريب ولكن تدهور صحته ماكان ليسمح لذلك، فلم يكن من الممكن أن يتردّد على غرفته إلا أهل بيته خاصة.

ولقد كانت ابنته الكريمة ووديعته الوحيدة فاطمة الزهراء عليها السَّلام جالسة عند فراش أبيها، تنظر إلى وجهه المشرق كانت ترى كيف أن عرق الموت يتحدّر على جبينه وخده مثل حبات اللؤلؤ.

كانت فاطمة الزهراء عليها السَّلام تلازم فراش والدها النبي صلّى الله عليه وآله طوال أيام مرضه، ولا تفارقه لحظة واحدة، وفجأة أشار النبي إلى ابنته يطلب منها أن تقرّب رأسها إلى فمه ليحدّثها، فانحنت فاطمة حتى صار رأسها قريباً من فمه الشريف ثم راح النبي صلّى الله عيه وآله يحدّثها بصوت ضئيل ولم يعرف من كان هناك ماذا قاله رسول الله صلّى الله عليه وآله لابنته الطاهرة في تلك النجوى.

وإنما شاهدوا الزهراء تبكي بشدة لما انتهى والدها من حديثه وسالت دموعها بغزارة، ولكنّهم شاهدوا أن النبي أشار إليها مرة اُخرى وحدّثها بشيء فسرّت فاطمة وتهلّلت أسارير وجهها، وتبسمت مستبشرة.

فأثارت هاتان الحالتان المتضادتان المتزامنتان الحضور وبعثتهم على التعجب والدهشة، فلما سألوها عن سرّ ذلك الحزن، وهذه الفرحة، وطلبوا منها أن تذكر لهم علة هاتين الحالتين المتضادتين قالت: "ما كنت لأُفشي سرَّه".

ثم بعد أن قضى رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كشفت الزهراء عليها السَّلام عن الحقيقة بناء على الإصرار وقالت: أخبرني رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه قد حضر أجلُه وأنه يُقبَض في وجعه هذا، فبكيتُ، ثم أخبرني أني أول أهله لحوقاً به فضحكتُ.

 قم المقدّسة - الحوزة العلمية -جعفر السبحاني-شعبان المعظم 1390.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد