www.tasneem-lb.net

عاشوراء

مناسبات - العبرة من كربلاء الجزء الاول

العبرة من كربلاء

الجزء الاول

 

البلاء اصطفاء                  

في العرف البشري للعشق، يسعى العاشق بكل إمكاناته لتوفير سبل الراحة والسعادة لمحبوبه، ويتألم إذا أصاب محبوبَه أي شرّ ومكروه.

بينما على العكس من ذلك، نجد في تجربة العشق الإلهي أنّ عنوان المحبة المتبادلة بين العبد وربه تتجلى بالابتلاءات والمشقات والآلام !

 ألم يرد في الأحاديث: "فإذا أحب الله عبدا ابتلاه بعظيم البلاء" (١)

 والحديث القدسي: "من أحبني ابتليته، ومن أحببته قتلته، ومن قتلته فعليّ ديته، ومن عليّ ديته فأنا ديته " (٢)

وسيرة الأنبياء والشهداء خير برهان، فقد كان أحب الأنبياء إلى الله محمد صلى الله عليه وآله أكثرهم ابتلاءً وأذى، وسرَت هذه السُّنّة على وُلده وأهل بيته وصولًا إلى مصاب حفيده الإمام الحسين عليه السلام حيث تجلٍت في كربته أجمل مشاهد العشق الإلهي، وهو القائل في آخر لحظات عمره "إلهي تركتُ الخلقَ طرّا في هواك وأيتمت العيال لكي أراك فلو قطعتني في الحب إربا لما مال الفؤاد إلى سواك".

إذًا، كيف يفهم العاقل سرّ هذا الترابط الغريب بين الحب والابتلاء؟

 إنّ الله تعالى عندما يحب عبدًا يصطفيه لأنبل الأهداف وأصعب الغايات، ويختصّه بالعناية والتمحيص ليُخرج طاقاته وقدراته فيشحذها ويضاعفها، ثم يضعه في طريق ذات الشوكة، التي تؤدي إلى تحقق الغاية الإلهية للبعث، فينال بعدها أرفع وأسمى درجات القرب في الدنيا والآخرة.

 

 هذا الأسلوب الإلهي في الحب يتكرر في كل مراحل التاريخ مع أخلص العباد وأكمل المجتمعات، لذا ليس علينا أن نتساءل عن سبب ابتلاء أمّةٍ مؤمنة تقية وإنما على العكس  لا بدّ ان نستبشر بذلك!                 

(١) الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - الصفحة ٢٥٣

(٢) مستدرك الوسائل - الميرزا النوري - ج ١٨ - الصفحة ٤١٩


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد