أخلاق - ها هو اليـتيـم بعين الله |4|
ديننا
ها هو اليـتيـم بعين الله
|4|
هـنـالـك، حيـث كـانـا واقفـيـن، ألـقـى الأب وابــنــه الـتـحـيـة على الـكـعـبـة، ومــا إن وطــأ عـبـد الـمـطـلـب أرض الـحـرم، حـتـى راح صـدره يخفق.
"في مكان بين الفرث والدم"! «عـبـارتـه هــذه واضـحـة، ولا تنطبق إلا عـلـى مـنـحـر الـحـرم: في مكان يقرب من مقام هاجر. ترى في أي بقعة من المنحر، وفي أي موضع منه؟ فالمساحة الملطخة بالفرث والدم شاسعة واسعة، لا يمكن أن تحتفر!
آه.. والـغـراب الأعــصــم.. هـا قـد وعـيـت الـمـقـصـود مـن قـول الطائف: «حيث ينقر الغراب الأعصم» ولكن أين ذاك الـغـراب؟
كيف بي لو لم يأتِ، ترى ماذا أفعل؟
أبي، الغراب الأعصم، شَخَصَ عبد المطلب بصره إلـى سماء الـحـرم، متعجبًا ونظر إلى حيث كان الحارث يشير، فشاهد غرابًا بارحًا يطير نحو الكعبة من الجهة الغربية للفناء. انحبست أنفاس الأب وابنه في الصدر، وبلغ قلب عبد المطلب أقصى خفقانه. حلّق الغراب في الفناء، ثم طار ليحل على هامة صنم بين الكعبة والرواق.
أدار الرأس مرة أخرى يسرة ويمنة، ثم طار ثانية، ثم أسف على المنحر وهبط. كان يتهادى في مشيه، متثاقلاً كالحامل، ثم التفت إلى ما حوله، بعدها بدأ ينقر وينقر.
عيّط الـحـارث مـن الـدهـشـة والــفــرح، فـكَـمَّ عبد المطلب فاه فـي الـحـال، وسحبه قليلًا إلـى الــوراء.
وثـب عبد المطلب مسرعًا نحو المنحر، حيث بـدت للعيان جملاً، نقرات الغراب العميقة تلك.
ثم أخرج المعول من المكتل، وباعد بين الرجلين، وبَسمَل مستعينًا برب الكعبة، ثم هوى بالمعول، ليضرب ضربته الأولى في موضع النقرات.
يتبع..