www.tasneem-lb.net

أخلاق

أخلاق - ها هو اليـتـيم بعين الله |17|

ثقافتنا
ها هو اليـتـيم بعين الله
|17|

كنت طويل السرى في الصحراء، وفي ليلة ميلاده خرجت من الطائف في حاجة، فرأيت النجوم تتألق في قوة، لم أرَ لها مثيلًا.  كـأن الـسـمـاء دنـت مـن الأرض، بـل أطبقت عليها. وكـأن الـكـون كله قـد تـلـحـف بـحـريـر مـن نــور سـمـاوي. وهـمـسـات غـريـبـة مــلأت الـكـون والفضاء، بما فيه من الصخر والحجر، الشوك والقذى..
إبان ميلاده، كنت في تجارة ببلاد فارس، فسمعت أن إيوان كسرى ارتج، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وتناقلت الأنباء أن قد خمدت نيران المجوسية بعد ألـف عـام. هـال ذلـك كسرى، من فوره  رسولا إلى اليمن ليستعبر كهنتها العرب الرؤيا. 
ولد محمد عند الفجر، فأمرتني مولاتي بقولها: يا بركة، إذهبي إلى عبد المطلب وبشّريه. وجدت سيدي في الحرم يطوف الكعبة، فلما بشّرته، أكرمني بمسكوكة ذهبية، ثم انطلق إلى دار مولاتي يسعى.  
رفـع الطفل من المهد بشوق ولهفة يشمه، واحتضنه ثم أخـذ له، ذارفا عليه العبرة، وهو يقول: حمدا لك يا رب الكعبة؛ فقد  وهبت ابني عبد الله من يرثه. رب ما ألطف هذا الطفل وما أحببه!
 ثم أوعز إلى مولاتي أن سميه قثما. 
ردّت عليه مـولاتـي بـتـوّدد كي لا تثير حفيظته: لقد أتاني آتٍ وهتف بي أن سميه محمدا.
 مـضـت سـبـع لـيـالٍ عـلـى وضـعـه، فـأولـم عـبـد الـمـطـلـب - عـلـى عـادة العرب - وليمة عظيمة، نحر خلالها الإبـل، وذبـح الأغـنـام، ودعـا إلى المأدبة.
حمل عبد المطلب الوليد على ساعده، ثم رنا إليه لحظات، بعطف وحـنـان وضـمـه إلـى صـدره وقـال: عسى أن يبعث بقية عبد الله - بالاسم هذا - مقامًا محمودًا.
ها قد آن الأوان، بعد سبعة أيـام، ليعرض الطفل على الناس ويعلن عـن اسـمـه. 
قام شيخ سائلا: ماذا سميته يا عبد المطلب؟ 
محمد. 
كيف سميته محمدًا، ولم يكن له من قبل سميًا!؟
همّ عبد المطلب ليفشي الـسـر ويـقـص رؤيـا كنته، آمـنـة، لكن سـرعـان مـا تــراجــع، فـقـد كــان عـلـيـه الـكـتـمـان. فـفـكـر هـنـيـهـة ثـم قـال سميته محمدًا ليحمد الله في السماء، ويحمد خلقه في الأرض.
يتبع..

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد