أخلاق - وجوه البلاء الجميلة
لنتأمّل جميعًا!
وجوه البلاء الجميلة
يقول الفقير: ربي لِمَ جعلتني فقيرًا دون خلقك!
يقول المريض: ربي لِمَ سلّطت عليّ هذا المرض الخبيث والوباء الخبيث!
يقول الجاهل: ربي لماذا لم تيسر لي أبواب العلم والمعرفة!
يقول من فقد ولده العزيز: ربي لِمَ اخترت ولدي دون خلقك وأخذته مني!
ويقول.. ويقول.. ويقول!
كثير من الخلق يقول ويلوم ويسأل الله عن بلائه دون خلقه.
فماذا يرد علينا ربنا الحكيم وأهل بيته الأطهار؟
عن الإمام عليّ عليه السلام: "إنّ البلاء للظالم أدب وللمؤمن امتحان وللأنبياء درجة" مستدرك الوسائل، ج 2، ص 438.
لقد ذكرت هذه الرواية آثارًا وبركات للبلاء!
قال تعالى في سورة الأنبياء، آية 35، صفحة 324 {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ}.
فهذه الآية تقول: إنّ البلاء والابتلاء والاختبار كما يكون بما تكره النفوس وما يؤلمها وهو المفهوم عند النّاس كذلك يكون بالمحبوب لها والمرغوب عندها من نعم ومناصب.
ولكنّ الله تعالى يقول: إنّ ذلك "فتنة" أي تمييزٌ للنّفوس، إذ إنّ بعض النّفوس يزلزلها النعيم ويخرجها عن الصراط المستقيم، أو يربّي فيها الشكر ومعرفة النّعمة والمنعم وأخرى بالعكس!
ومن فوائد شدّة ابتلاء الخواصّ من العباد، أنّ هؤلاء من خلال المحن والمعاناة، يذكرون الحقّ ويناجونه ويتضرّعون على أعتابه المقدّسة، في ساحة ذاته الأقدس، ويعيشون مع ذكره وفكره.
أي أن البلاء فيه:
ذكر وتضرع وابتهال لله تعالى
ومن فوائد شدّة ابتلاء المؤمنين حسب ما أُشير إليه في الأخبار، أنّ لهم درجات لا ينالونها إلاّ من وراء المصائب والأسقام والآلام. أي فيه "المقام المحمود عند الله" من جوهرة العارف وآية الله بهجت البالغ مناه (إن الله سُبحانه وتعالى لا يُرسل البلاء من غير مَصلحة وحكمة ويجب الدعاء من أجل رفع تلك البلاءات).
يقول الله سبحانه في سورة الأنعام، آية 43، صفحة 132 {فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ}.
أي أن البأس والصُعوبات والضُغوطات هي من الباري سبحانه وهو الذي يرسلها عليكم لكي تتضرعوا وتتوجهوا إليه وتطلبوا منه وتدعوه "فلمَ لا تقومون بذلك؟
فلنرَ كيف يكون التضرع والتوجه إليه تعالى عند المحن والبلاء!