أخلاق - عاقبة التكبّر
عاقبة التكبّر
قوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) - سورة القصص: الاية ٨٣.
ورد في (تفسير القمي) في رواية عن حفص بن غياث أنه قال:
كان الإمام الصادق (عليه السلام) يقرأ هذه الآية الشريفة ويبكي بحرقة ويقول: »ذهبت الأماني والله مع هذه الآية «.
ثم يقول (عليه السلام): «فاز الفائزون، أتدرون من هم؟ الذين لا يؤذون الذرّ؛ كفى بخشية الله علمًا، وكفى بالاغترار بالله جهلًا«.
ورد في (كشف الأسرار) في ذيل هذه الآية الشريفة:
سكان الدار الآخرة غدًا هم قوم لم يسعوا في الدنيا وراء علوّ أو كبر، ونفوسهم عندئذ قد صغرت عن الآخرين، فلم ينظروا إليها بعين الرضى .
ورد في (مجمع البيان) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو دالّ يرشد الضّال ويعين الضعيف ويمر بالبيّاع والبقّال فيفتح عليه القرآن ويقرأ: (تلك الدار الآخرة..) ويقول (عليه السلام)
»نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع من الولاة وأهل القدرة من سائر الناس. «
وروي عنه أيضًا: (إن الرجل ليعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية)
يعني أن من تكبر على غيره بلباس يعجبه فهو ممن يريد علوًا في الأرض .
مجمع البيان
وعن الشهيد دستغيب قوله:
لو أنصف المرء وتحقق من أحواله لعرف أن يومًا يمر عليه دون أن تظهر لديه حالة العلو أمر نادر ولذلك كانت هذه الآية مبعثًا لارتفاع أنين العظماء وحرقتهم وذوبانهم قال الإمام الباقر (عليه السلام): «ما دخل قلب امرىء شيء من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك، قلّ ذلك أو كثر». ، سفينة البحار ج٢ص٤٦٠.
ان من داخله الكبر لا يدرك عظمة الله ورفعته ولا يلتفت إلى دناءة نفسه وكلما زاد الكبر في القلب كلما قل هذا الإدراك وعليه فالمتكبر هو مجنون حقيقي.
مرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) برجل مجنون، وقد اجتمع عليه الناس ينظرون إليه، فقال (صلى الله عليه وآله): علام اجتمع هؤلاء؟ فقيل له: على مجنون .
فقال (صلى الله عليه وآله): ما هذا بمجنون. ألا أخبركم بالمجنون حقّ المجنون؟
قالوا: بلى يا رسول الله. قال (صلى الله عليه وآله):
(إن المجنون حقّ المجنون: المتبختر في مشيه، الناظر في عطفيه، المحرك جنبيه بمنكبيه، فذاك المجنون ، وهذا المبتلى) ، معاني الاخبار الباب ٦٧.