أخلاق - العفو والتسامح |2|
تربيتنا
العفو والتسامح
|2|
" إذا دخل القلب، حِقد أو حَسد أو عداوة مُسلِم، ماتَ ذلك القلب وفارقَته الروحانية".
آية الله السّيد دستغيب قدّس سرّه
{الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (134/آل عمران)
فهل يمكننا التسامي في العفو والتسامح؟
نعم.. وأولى درجات العفو والتسامح هي
1. كظم الغيظ: بحيث يضبط المؤمن انفعالاته ويسيطر عليها سيطرة تامة، وهذا أمر يتطلب ترويض للنفس ومراقبة إلى أن تصبح ملكة راسخة، حينها يمكننا الانتقال إلى درجة أسمى. قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) "من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه ملأه الله أمنًا وإيمانًا". وهذا الحديث يفيد أن كظم الغيظ له أثر كبير في تكامل الإنسان معنويًا، وفي تقوية روح الإيمان لديه.
2. الصفح عن الظالمين: بحيث أن نمتلك القدرة على الصفح عمن ظلمنا. وهي مرتبة أسمى من كظم الغيظ لأنها تنتقل بنا إلى مرحلة اقتلاع جذور العداء من قلوبنا، والتخلص من جذور ورواسب الغضب أو الحقد وهذا يتحقق فقط فيما إذا اقترن "كظم الغيظ" بخطوة تالية وهي "العفو والصفح" ولهذا أردفت صفة "الكظم للغيظ" التي هي بدورها من أنبل الصفات بمسألة العفو.
مع ملاحظة: أن المراد هو العفو والصفح عمن يستحقون العفو، لا الأعداء المجرمون الذين يحملهم العفو والصفح على مزيد من الإجرام، وينتهي بهم إلى الجرأة أكثر.
3. الإحسان: "والله يحب المحسنين"، فهي إشارة إلى مرحلة أعلى من "العفو والصفح"، وبهذا يرتقي المتقون من درجة إلى أعلى في سلم التكامل المعنوي.
وفي هذه السلسلة التكاملية، يوجه القرآن الإنسان المسلم
- لأن يكظم غيظه أولاً
- ثم يطهر قلبه بالعفو،
- ثم يطهر فؤاد خصمه من كل رواسب الضغينة وبقايا العداء بالإحسان إليه.
إنه تدرّج عظيم من صفة إنسانية خيرة إلى صفة إنسانية أعلى هي قمة الخلق وذروة الكمال المعنوي.