أخلاق - مكارم الاخلاق |11|
مكارم الاخلاق
|11|
طريق الحق
ومتّعني بهدى صالح لا أستبدل به، وطريقة حقٍ لا أزيغ عنها
بيد أن الهدى هو الإيمان والعقيدة فكيف يكون الهدى صالحاً؟
المراد بالهدى الدين والعقيدة فيكون معنى قوله سلام الله عليه «متّعني بهدى صالح لا أستبدل به» الثبات على الإيمان والمبدأ.
لأنه قد لا يبقى الفرد المسلم والعياذ بالله، على الإيمان والإسلام بل يستبدل بالإيمان غيره ويرتدّ عن دينه، وما أكثرهم حتى في صدر الإسلام، فمن يقرأ التاريخ يجد أن عشرات بل مئات ارتدّوا ورجعوا عن الإسلام حتى في زمن النبي صلّى الله عليه وآله، فهؤلاء لم يتمتعوا بهدى صالح دائم بل استبدلوا به الكفر.
وكان هناك أقوام بقوا مع الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه حتى السنين الأخيرة من عمره الشريف، ولكنهم شهروا سيوفهم في وجهه في السنتين الأخيرتين من حياته المباركة، كالخوارج، وكانوا قبل ذلك مسلمين مؤمنين ولم يكونوا منافقين ولكنهم ارتدّوا عن إيمانهم.
ما معنى طريق الحق؟ وهل يمكن للمؤمن أن يكون مؤمنًا صالحًا وهو لا يسلك طريق الحق؟
قد يبقى الفرد مسلماً مؤمناً، ولكن عنده عادات وتقاليد باطلة لا تتناسب مع إيمانه، فهذا لا يتمتّع بطريقة حقّ، وقد يكون على طريقة حق وتقاليد صحيحة ولكنه يزيغ وينحرف عنها، كما هو حال كثير من المسلمين اليوم حيث نراهم يصلّون ويصومون ولكن لديهم عادات محرّمة أو مكروهة شرعاً.
ولا تقتصر الطرق الباطلة على المحرّمات والواجبات بل تصدق في المستحبات والمكروهات أيضاً؛ ولذلك ينبغي للمسلم أن يكون على طريقة حق فيهما أيضاً؛ ومثاله: البدء بالتحية والسلام، فترى بعض الأشخاص لا يسلّم على أحد أبداً، وإذا سلّم عليه أحد اكتفى بالردّ أما هو فلا يبدأ أحداً بالسلام، فهذه الطريقة ليست طريقة حق.
إذن يمكن أن يكون المراد من قول الإمام سلام الله عليه «هدى صالح»: الإيمان الصالح، والمراد من «طريقة حق»: السنن الصحيحة.
وعلى كلّ حال، فإن المهمّ في الأمر هو الثبات عليهما؛ ولذلك قال الإمام سلام الله عليه: «وطريقة حقّ لا أزيغ عنها». فما أكثر الذين كانوا على طريقة الحق ولكنهم لم يستمرّوا عليها إما نتيجة مشكلات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عائلية أو نفسية أو تأثّراً بغيرهم.
يتبع..