أخلاق
أخلاق - مكارم الاخلاق |14|
مكارم الاخلاق
|14|
ما بين الرفعة الظاهرية والتواضع الباطني
(ولا ترفعني عند الناس درجة إلّا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تحدث لي عزاً ظاهراً إلّا أحدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها ).
✓ إن الغرض من هاتين الجملتين أمور عديدة :
1- الوقاية والحفظ من العجب والكبر، وكثيرًا ما يكون منشأهما من حصول الرفعة والعز الظاهرين فيما بين الناس .
لماذا هذا الطلب؟ والكثير من الناس يرغبون بالعزّ الظاهر والمدح المستمر من الناس بأنهم أصحاب خلق ودين ومناقب وعلم و..
عن أمير المؤمنين (ع): (ما أرى شيئاً أضرّ بقلوب الرجال من خفق النعال وراء ظهورهم) ميزان الحكمة/ج٢.
2-التحلي بالتواضع عند حصول الرفعة والعز، ذلك لأن أحسن التواضع ما كان عن رفعة، كما أن أحسن العفو ما كان عن قدرة .
فالتواضع فضيلة بين الكبر والضعة إذ أن الكبر: أن يرفع الإنسان نفسه فوق قدره، والضعة: أن يضع الإنسان نفسه مكاناً يزرّ به ويضيع حقه
أما التواضع: فهو رضا الإنسان بمنزلة دون ما يستحقه فضله ومنزلته وأكثر ما يبرز فضلها بين الملوك وأجلاء الناس وعلمائهم - الذريعة إلى مكارم الشريعة ص152.
ومن هنا قول الشاعر:
دنوت تواضعًا وعلوت قدرا فشأنك انحدار وارتفاع
كذاك الشمس تبعد ان تسامى ويدنو الضوء منها والشعاع
3-حفظ الدرجة الرفيعة والعزّ الظاهر من الزوال بل زيادتهما لأن التواضع عند حصول الرفعة كالشكر عند حصول النعمة.
فكم من أناس لهم منازل رفيعة عالية انحطّوا بعدم التواضع وزالت عنهم بسبب الكبر كما في قوله تعالى: ( قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) سورة الأعراف، آية 13.
وفي حديث عن أبي عبد الله (عليه السلام): (من تواضع لله رفعه ومن تكبر خفضه الله ) - الكافي ج2ص122ح3.
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن التواضع يزيد صاحبه رفعة، فتواضعوا يرحمكم الله ) - الكافي ج2 ص121ح1.
4-الهام المعرفة بنقصان الذات وذلّ النفس وفاقتها وحاجتها لله تعالى فيعلم أن كل فضيلة من رفعة وعزّ لم تحصل إلا من واهب النعم ومفيضها .
أما لماذا طلب عليه السلام أن يكون ذل نفسه بمقدار تلك الرفعة والعزّ؟
- لأنه إذا كان زائدًا فهو يحتمل التملق والضعة
- وإذا كان ناقصًا فتشوبه شائبة التكبر والتجبر
والله أعلم بمقاصد اوليائه.
يتبع ..
