أخلاق - لو كانت الأخلاق رجلًا
لو كانت الأخلاق رجلًا
لسنا بحاجة إلى قراءة الكتب والمجلدات، ولا البحث عن البرامج والرياضات، ولا حتى نحن نحتاج أن نقلد قدّيسي المسلسلات، كي نبني شخصيتنا الأخلاقية السليمة.
هي قاعدة أخلاقية واحدة، أبدَعها قلب الرسول (صلى الله عليه وآله) المتألق بالنور الإلهي، قبل زمنٍ طويل من بعثته النبوية:
"لا تتعامل مع المخلوقات بما تهواه نفسك، بل بالطريقة التي توصلها إلى غايتها الوجودية".
إنها الطريقة التي تمنع النبي من رمي فتات الطعام، لأنه لم يُخلَق ليُرمى..
وهي أيضًا الطريقة التي تمنعه (صلى الله عليه وآله وسلم) من إيذاء عبد، لأنه لم يُخلَق كي يُستَعبَد ويُذلّ.
والأمثلة تطول وتطول.
والقصة هنا ليست على مبدأ علوم التنمية البشرية، التي تقول لك "إبتسم كي تُقبل في الوظيفة" و"جامِل الزبائن حتى تكسب مالهم"!
لأن قضية الأخلاق في منهج الرسول ليست صفقة بيع وشراء.
باختصار، لقد جسدت شخصية النبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) نموذج خليفة الله في الأرض، الذي نظر إلى الطبيعة، فرأى خضوع عالم الكائنات لإرادة الإنسان، ثم نظر إلى السماء، فأدرك أن الله قد سلّطه عليها: إما شاكرا وإما كفورا..
وهكذا يصبح مصيره ومصير البشرية، بل مصير الأرض وما تحتويه متوقف على فعل هذا الإنسان، وإرادته واختياره.
ولأنه الصادق الأمين، مع ربه أولا ثم مع خلقه، لم يشأ أن يترك أمانة خلق الله إلا كما بُعثَت، وكما يريدها ربها أن تكون.
ومن هذه القاعدة تتفرع كل الصفات الأخلاقية الكمالية.