أخلاق - متحدون في نصرة الله |1|
ديننا
متحدون في نصرة الله
|1|
أهمية شعار الوحدة
قال تعالى في محكم كتابه: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)
وقال تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا).
بدايةً لا بدّ أولاً أن نتعرّف على المراد من الوحدة، أي ما معنى الوحدة؟
المقصود من الوحدة هو وحدة القلوب ووحدة الأرواح، وهي تكون على أساس الإيمان، فلذلك حينما يطلق الله سبحانه وتعالى شعارًا فإنه يطلق شعار الأخوة، الأخوة الإيمانية أكبر تعبير للوحدة (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)
إن متعلّق الوحدة هو الإيمان، الإيمان المشترك يشدّد التوحيد والوحدة والاتحاد، إذا فقدنا هذا العنصر المشترك وهو الإيمان تحل التفرقة.
وكلمة الوحدة تختلف عن التعاون أو التنسيق أو الارتباط من أجل منافع مشتركة وسرعان ما يذهب هذا التعاون أو التنسيق أو الارتباط حينما تذهب المصالح المشتركة.
فإذا اختلّت المنافع زالت هذه الوحدة، هذه الوحدة المصلحية والنفعية لا تسمى وحدةً أصلاً، وإنّما هي اتفاق لتحقيق منافع مادية.
الوحدة سواء اشتركت المنافع أو اختلفت، المنافع الدنيوية أو الإقليمية أو المحلية أو الصنفية، سواء كنا متفقين أو مختلفين من جهات متنوعة في الحياة، هذه الوحدة إذا كانت دينية فإنها تبتني على أساس وحدة القلوب ووحدة الروح، من منطلق الإيمان بالله سبحانه فإنّه لا ينبغي أن تختل هذه الوحدة.
تُعرف أهمية الوحدة من خلال أهمية الأخوّة في الإسلام، والاعتقاد بأهمية الأخوّة الإيمانية.
والأخوّة الإيمانية تفوق جميع الإطارات والأبعاد المختلفة من التنسيق والارتباط وأمثال ذلك، والأخوّة الإيمانية ليست أخوّةً اعتباريةً أو اعتباطيةً أو تشريفيةً، بل واقعية تستند إلى عنصر الإيمان بالله.
لذا في الروايات المختلفة عن طريق أهل البيت تعبر أن المؤمن أخو المؤمن لأمه وأبيه، حتى أن الأخوّة الإيمانية تتجاوز وتفوق الأخوّة النسبية والرابطة النسبية، إذ قد يكون الإنسان المؤمن يقاتل الأهل من النسب له على أساس الإيمان بالله كما يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): (كنا نقاتل مع رسول الله(صلّى الله عليه وآله) إخواننا، أعمامنا، عشائرنا، وما يزيدنا ذلك إلّا إيماناً)، والقرآن الكريم في ذلك واضح: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)
ومن خلال أهمية الأخوّة الايمانية نعرف أن الوحدة ليست شعاراً جزافياً يطلق على الهواء ثم نلتزم به أو لا نلتزم، بل الوحدة الإسلامية هي من صميم الاعتقاد بالله تبارك وتعالى ومن أهم القيم الإسلامية التي يوصينا الإسلام بها كمبدأ، لذلك فالوحدة شعيرة من شعائر الإيمان والتقوى ومن شعائر الله، والاعتقاد القلبي بها يعتبر من لوازم الإيمان بالله تبارك وتعالى لذلك فإنّ على كل مسلم أن يعتبر المسلم الآخر كل من نطق بالشهادتين أنه مسلم، وأنه جزء الأمة الإسلامية، كل واحد منا جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية بأي لغة كان وبأي جنسية كان، وينتمي إلى أي قطر كان، وفي أي أرجاء المعمورة أراد أن يعيش، هو جزء من الأمة الإسلامية، وجزء من دار الإسلام الكبرى. (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)
يتبع..