تباشير المساء -15-
تباشير المساء -15-
الحلقة الخامسة عشرة
كان الجو باردًا هذهالليلة..
ولكن دفء التلاوةوالركوع والسجود، ودموع المحبين المتوسلين لله، جعلت المكان مغمورًا بالدفء.
غادر أغلب الحاضرين المسجد بعد صلاة الصبح،والكل يرجو من الله قبول الأعمال. افترش أرض المسجد مع ثلة من المتعبدين ليلقي منتعبه المرفق بالصوم. لكنه، كان قد جهز نفسه جيدًا لتلك الأيام، وإن كان حديث العهدفي اعتكافه.
لقد أحضر مجموعةً منالكتب، كي يستفيد من وقت تواجده في المسجد، وكان أبرزها بعد المصحف الكريم وكتابأدعية بات يقلب صفحاته مع مواقيت الصلاة، كتاب الأحكام الفقهية لمرجع تقليده، كتاب"إنسان بعمر 250 سنة" ليطالع من خلاله سيرة ومواقف الرسول الأكرم وأئمةالهدى عليهم السلام، كتاب "كيمياء المحبة"، ومجموعة من الكتب السياسيةالتي اعتاد قراءتها ومناقشتها مع والده وعمومته، ويستفيد من خلالها بإثبات رجولتهوحضور شخصه بين الرفاق كمترقب سياسي.
في كل ليلة من الليالي التي أمضاها في المسجد،كان يتمتع بخلق حسن يفيض على وجهه حزمة من نور.
لم تكن والدته لتتركه بعيدًا عنها، فهو الأغلىعلى قلبها بين أخوته وأخواته، فهو صغيرها وإن أصبح رجلاً.
صارت تتوجه عند كل غروبٍ محملةً بالزادوالعصائر، تشبع حاجتها للأمومة من خلال نظرتها له، وتشبعه من الزاد الذي أعدته لهوتمضي معه ساعة الإفطار وتمضي بعد الصلاة والدعاء.