الـهي اَلْبَسَتْني الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلتي
معالي المناجاة
شرح مناجاة التائبين
"الـهياَلْبَسَتْني الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلتي، وَجَللَني التباعُدُ منْكَ لباسَ مَسْكَنَتي.."
هنا يخبر الإمام زينالعابدين "عليه السلام"
أن الخطايا ألبستهثوب المذلة وهو بذلك يُناجي ربه وربه أعلم بذلك!... وليس بحاجة لهذا الإخبار...فماالداعي له إذن
ولا شك أن الله يعلمبهذا المضمون.
ولكن حين يعبرالمناجي لله بذلك فإنه كأنما يُقر بالآثار السلبية للمعصية وكأنه يقول: "إنكيا رب أخبرتنا ما لهذه المعاصي من آثار خطيرة وها هي هذه الآثار تتجلى لي، وأشعربها..
فالإخبار هنا يتضمنإخبارًا آخر هو (علم المناجي بآثار الخطايا علم مجرب معايش)، وهذا ما يدفع الإنسانللطاعة وتجنب المعصية لأنه قد عايش المعصية وأدرك آثارها إدراكًا فعليًا..تجريبيًا..
ثوب مذلتي
هنا تعبير فيه دقةعميقة، فالثوب عادة ما يتزين به الإنسان، بل ويتفاخر به، ولعله من أبرز ما يتفاخربه..
ولكن!! الخطايا تلبسالإنسان ثوب المذلة بدلًا من ثوب الكبرياء والتباهي، والثوب من الأمور التي تلازمالإنسان ويلازمها فإذا كان اللباس لباس ذل!! وهو ملازم له!! فمعنى ذلك أن حياتهتتحول إلى ذل وعار.
ومن هنا لا بد مناستبدال ثوب المذلة بلباس العزة وهو:
لباس التقوى
"وَجَللَنىالتباعُدُ منْكَ لباسَ مَسْكَنَتي"
يبين الإمام"عليه السلام" أن تباعد العبد عن ربه هو تناقص في قَدْره، وهبوط فيمنزلته، وخسارة من وزنه، وانحدار في ذاته بفعل الخطايا والسيئات التي تُفقده هداه،وتسلبه صفاء روحه، وتأتي على إرادة الخير فيه، حتى لا تُبقي منه جمالَ معرفة، ولاجمالَ خُلق، ولا طهراً ولا نزاهة، ولا قصداً راقياً، ولا هدفاً كريماً، ولا نفساًمستقرة.
والنفس إذا سكنها الذل، واكتست ثوب المسكنة، ولمترجع إلى مصدر عزها وغناها ارتكبت كل خطأ، وصدر منها كل خبيث، وتُوقع لها كل شر،وكانت منبع كل فساد!!..