رحلة حياة - كيفية التوفيق بين الخير والسعادة
كيفية التوفيق بين الخير والسعادة
مما ذُكر في كتاب "جامع السعادات": إن الغاية في تهذيب النفس عن الرذائل وتكميلها بالفضائل هو الوصول إلى الخير والسعادة.
وقال السلف من الحكماء: إن "الخير" على قسمين: مطلق ومضاف.
- المطلق هو المقصود من إيجاد الكل، إذ الكل هو غاية الغايات.
- المضاف ما يتوصل به إلى المطلق.
و(السعادة) هو وصول كل شخص بحركته الإرادية النفسانية إلىكماله الكامن في جبلته.
وعلى هذا فالفرق بين الخير والسعادة أن الخير لا يختلفبالنسبة إلى الأشخاص، والسعادة تختلف بالقياس إليهم.
والسعادة عند الأقدمين من الحكماء راجعة إلى النفوس فقط،وليس للبدن فيها حظ، فحصروها في الأخلاق الفاضلة، واحتجوا على ذلك بأن حقيقة الإنسانهي النفس الناطقة والبدن آلة لها، فلا يكون ما يُعدّ كمالاً له سعادة للإنسان.
والسعادة عند المتأخرين من الحكماء كأرسطو راجعة إلى الشخصحيث التركيب، سواء تعلقت بنفسه أو بدنه، لأن كل ما يلائم جزءاً من شخص معين فهوسعادة جزئية بالنسبة إليه.
ولذا قسموا السعادة إلى:
1- ما يتعلق بالبدن كالصحة واعتدال المزاج.
2- ما يتوصل به إلى إفشاء العوارف مثل ما يوجباستحقاق المدح كالمال وكثرة الأعوان.
3- ما يوجب حسن الحديث وشيوع المحمدة.
4- ما يتعلق بإنجاح المقاصد والأغراض على مقتضىالأمل.
5- ما يرجع إلى النفس من الحكمة والأخلاق المرضية.
وقالوا إن كمال السعادة لا يحصل بدون هذه الخمسة، وبقدرالنقصان فيها تنقص.
وقالوا وفوق ذلك سعادة محضة لا تدانيها سعادة، وهو ما يفيضالله سبحانه على بعض عباده من المواهب، والإشراقات العلمية، والابتهاجات العقليةبدون سبب ظاهر.