جوامع الشيم - الغضب
جوامع الشِيٓم
الغضب
إن من الأمور التي يبتلى بها المؤمن في حياته العملية:
§ مسألة الغضب
فالإنسان لا يخلو من مثير أمامه، فهو يغضب من أي شيء يراه أو يسمعه ولا يرضيه، ومن الطبيعي أن الإنسان لا يرضى عن كثير من الأقوال، وكثير من الأفعال. ولكن الحل لا يكمن في عدم إثارة ما يوجب الغضب، فكل إنسان له طريقته في الحياة، وله رأيه، ولا يمكن أن نجعل الناس كلهم في اختيارنا، وتحت أمرنا.
§ أنواع الغضب
الغضب الرحماني، وهو الغضب الذي يكون من أجل الانتصار للدين. فموسى (عليه السلام) من أنبياء أولي العزم؛ أي من كبار الأنبياء، وهو كليم الله -عز وجل- ولكن انظروا إلى شديد غضبه! {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} الأعراف/150 ؛ وأخوه هارون هو أيضاً نبي من أنبياء الله -عز وجل- الغضب كان غضباً رسالياًً، فالقرآن الكريم يقول عن غضب موسى عليه السلام: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} الأعراف/154 .
ولكن لا بد من الانتباه إلى أن منشأ الغضب قد يكون رحمانياً، ولكنّ تنفيذه شيطاني!
فكما هو معلوم: هنا كمراتب للنهي عن المنكر، عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان (ميزان الحكمة/ج3/ص1950 ).
فإذا أمكن النهي بالقول، يجب ألا تستعمل اليد! مثلاً: إذا رأى الأب منكراً في إبنه، أو في زوجته، هذا الغضب بحق، ولكن كيف ينفذ هذا الغضب؟ يجب أن ينفذه: بالنصيحة، وبالنهي، لا بالضرب، فلا يدع الشيطان يدخل في جلبابه، ويوسوس له.
الغضب الشيطاني، أما الغضب الذي عادة نحن نغضبه، فهو الانتصار للذات، أغلب الغضب هذه الأيام، غضب شخصي: سواء كان الغضب إلهياً، ودخل فيه الشيطان، أو كان الغضب شيطانياً من أصله، إن هذا الغضب مشكلته، أنه يستولي على وجود الإنسان، فالشهوة والغضب قوتان، إذا دخلتا وجود الإنسان؛ جلسا مجلس العقل.
يقول النبي (صلوات الله عليه وآله): "الغضب يُفسد الإيمان، كما يُفسد الخل العسل"(الكافي/ج2/ص302 ).
إن الإنسان الغاضب يخرج من طوره، ومن هيئته، ولهذا فإن اول عمل يقوم به عندما يهدأ غضبه، -إن كان مؤمناً- يعتذر، وثم في مقام التوجيه، وفي مقام جلب رضا الشخص، يقول: لست انا الذي غضبت، بل الشيطان تلبّس بي، إنّ تلبّس الجنّ مشكوك فيه؛ فهذا فيه وهم في كثير من الحالات، أما تلبّس الشيطان؛ فهذه حقيقة، قال رسول الله (صلوات الله عليه وآله):إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق (بحار الأنوار/ج/60/ص268 ).
يتبع..