حقّك عليّ عظيم!
|4|
وإنما أسعى بإيفاء الحق من صاحب الحق الذي خلق هذا الشهر الجليل وجعل دلالته بهلاله حيث قال فيه الإمام زين العابدين عند النظر إلى هلاله: (وجعله آية من آيات ملكه، وعلامة من علامات سلطانه!
نعم! إنما صاحب الفضل هو الخالق هو الله تعالى فله الحق الأول.
فيقول الإمام زين العابدين (عليه السلام): "فأَمَّا حَقُّ اللهِ الأَكْبَرُ فَإنَّكَ تَعْبُدُهُ لا تُشْرِكُ بهِ شَيْئاً".
فحقُّ الله تعالى يتلخّص بهاتين الكلمتين المتسعتين لكل علاقتنا بالله تعالى في كل أعمارنا: أن نعبده لا نشرك به شيئاً، وأن نوحٍّده في العبادة، بحيث أننا لا نعبد غيره. فلتكن عبادتنا صادقة وحقيقية وجوهرها متين .. العبادة في المفهوم القرآني غاية الخضوع، فمعنى أن نعبد الله أيّ أن نخضع له خضوعاً مطلقاً، ليس فيه أيُّ خللٍ. أن نخضع لله بعقولنا فلا يبقى في عقولنا إلاَّ الحقّ، وأن نخضع لله في قلوبنا فلا يبقى في قلوبنا إلاّ الحب له، وفي حياتنا فلا يبقى في حياتنا إلّا الخير.
إذًا الحق الأعظم هو لله تعالى خالق كل شيء والمعطي لكل شيء وكما قلنا عند رؤية هلاله (اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ ، وَالْبَرَكَةِ ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى).
نقول عند تمامه وكماله وفي وداعه:
(وقَد أقامَ فينا هذَا الشَّهرُ مُقامَ حَمدٍ، وصَحِبَنا صُحبَةَ مَبرورٍ، وأربَحَنا أفضَلَ أرباحِ العالَمينَ، ثُمَّ قَد فارَقَنا عِندَ تَمامِ وَقتِهِ وانقِطاعِ مُدَّتِهِ، ووَفاءِ عَدَدِهِ، فَنَحنُ مُوَدِّعوهُ وَداعَ مَن عَزَّ فِراقُهُ عَلَينا، وغَمَّنا وأوحَشَنَا انصِرافُهُ عَنّا، ولَزِمَنا لَهُ الذِّمامُ المَحفوظُ وَالحُرمَةُ المَرعِيَّةُ، وَالحَقُّ المَقضِيُّ..) نودّعه ونتمنّى أن نكون قد وفينا ببعض حقه علينا وحق خالقه الأكبر عندنا.
وأخيرا نقول:
(السَّلامُ عَلَيكَ مِن قَرينٍ جَلَّ قَدرُهُ مَوجوداً، وأفجَعَ فَقدُهُ مَفقوداً ومَرجُوٍّ آلَمَ فِراقُهُ).
ونسأله تعالى أن يعيده علينا في السنة القادمة بالخير وبتغيير الحال إلى أحسنها وأفضلها بل وأكملها.