شعائرنا
الاهتمام بليالي القدر
|3|
اليقين باستجابة الدعاء والأعمال في ليالي القدر
قضت مشيئة الله سبحانه وتعالى أن ما يسعى إليه الإنسان ويأمل بأن يحصل عليه من أماني وغايات وآمال ومتطلبات سواءً في الدنيا أو في الآخرة؛ اقتضت المشيئة الإلهية أن يكون طريق هذا الأمر هو عمل الإنسان.
في الفهم الإسلامي وفي الدين الإسلامي الإيمان وحده لا يكفي للنجاة يوم القيامة وللفوز بالجنة. الإيمان وحده لا ينجّي الإنسان يوم القيامة. يجب أن يقترن الإيمان بالعمل الصالح. إذاً، هذه هي مشيئة الله سبحانه وتعالى.
إن ما يعمله الإنسان في الدنيا ــ الإنسان كفرد أو كمجموعة أو جماعة أو شعب أو أمة أو مجموع البشرية ــ هو الذي يقرر مصيرها في الدنيا ويقرر مصيرها في الآخرة: "اليوم عملٌ ولا حساب وغداً حسابٌ ولا عمل".
لكن الله سبحانه وتعالى لما تعلقت مشيئته بأن على الإنسان أن يعمل ويجهد ويثابر، أعطاه الله سبحانه وتعالى المقدرات والمقومات والإمكانات ليحقق هذه النتائج؛ وسخّر له كل ما في هذا الكون. المطلوب من الإنسان فقط أن يبذل جهد. الله سبحانه وتعالى أعطاه عقل ومعرفة وعلم. الله سبحانه وتعالى أعطاه إرادة وحرية الاختيار، وأعطاه القدرة على الاستفادة من الأشياء والقدرة على الاستفادة من التجارب وتراكم التجارب البشرية طوال التاريخ وأرسل له الأنبياء والرسل وأنزل عليه الكتب السماوية. أعطاه كل شي يمكّنه من أن يصل إلى حيث يطمح، وحيث يحب أن يصل في الدنيا أو في الآخرة. الله سبحانه وتعالى وفّر له وهيّئ له كل ذلك.
يبقى الأمر بعد ذلك عند الإنسان نفسه.
من جملة الأبواب التي فتحها الله سبحانه وتعالى للإنسان ليدخل منها ويحقق ما أحب في الدنيا والآخرة هو الدعاء (سلاح المؤمن).
وليلة القدر بالعمق هي ليلة الدعاء، وليلة توجّه إلى الله سبحانه وتعالى وليلة الابتهال إلى الله عز وجل والطلب من الله والسؤال من الله.
من أعظم النعم الإلهية على الإنسان هو أنَّ الله عز وجل أذِن لنا بدعائه ومسألته وأن نجلس بين يديه وأن نكلمه وأن نخاطبه.
بل هو طلب منا أن ندعوه قال عز وجل: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}.
فهل هناك شك باستجابة دعائنا خصوصًا في هذه الليالي المباركة العظيمة والله تعالى وعدنا بالإجابة؟
ورد في الروايات من التشجيع على الدعاء وعلى الطلب من الله سبحانه وتعالى بعض الأحاديث: "الدعاء نصف العبادة" أيضًا: "الدعاء مخ العبادة" كذلك: "الدعاء أفضل العبادة".
ينبغي الالتفات أنَّ الدعاء لله سبحانه وتعالى بحد ذاته هو فعلٌ عبادي. جلوس الإنسان نفسه في مجلس الدعاء ودعائه وطلبه ومناجاته مع الله سبحانه وتعالى هو عملٌ عباديٌ أجره وثوابه محفوظان. لأنَّ الدعاء مثل الصلاة، مثل الصوم، مثل قراءة القرآن؛ لأنَّ الدعاء هو فعل عبادي على درجة عالية من الأهمية.
المصدر: خطبة الأمين العام في ليلة القدر الكبرى_9-7-2015 (بتصرف).