كيف تتحقّق علّة الصوم
الجزء الثالث
كأن الله عز وجل أراد أن يقول للإنسان من خلال آية الصوم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة183)، بأنك أيها العبد لن تتمكن من الفوز بهذه الملَكة الروحية من دون تهذيب جوارحك وضبط شهواتك، ولو في ما أحلّه الله.
فليس المراد من الصوم أن تجوع البطن وتظمأ الأحشاء، إنما كي يكون ذلك مدخلًا إلى تعزيز الإرادة وتنشيط الروح وتلطيف القلب وترقيقه.
وبذلك يجتهد العبد في عباداته ويشتاق إلى الكمالات المعنوية وتتغير معاملته وتتهذب أخلاقه مع الآخرين.
وكلها معانٍ بيّنها الرسول صلى الله عليه وآله في خطبته الشهيرة، حينما قدم لأمّته منهجًا متكاملًا في كيفية اكتساب التقوى العملية:
• بدءًا بتطهير القلب وتصفية النوايا وتحسين الخلق والتوبة والاستغفار،
• مرورًا بالمواظبة على الدعاء والانتباه للصلوات في أوقاتها وحفظ اللسان وغض السمع والبصر،
• وصولًا إلى صلة الرحم والصدقة والتحنن على الأيتام وإصلاح ذات البين وتوقير الكبار ورحمة الصغار...
وهكذا تتلخّص الترجمة الفعلية لفلسفة الصوم وعلّته.