مكتبة أشهر النور - روح العبادة |3|
جوهرة الأعمال في الإقبال على المتعال
روح العبادة
|3|
إن سبل الوصول إلى الله في الدنيا متنوعة ومبسوطة في الشريعة الأكمل لدين الله، وهو الإسلام.
لو نظر السالك إلى الأعمال العبادية بصورة مستقلة عن روح الارتباط بالله تعالى، الذي هو الشرط المقوّم لصحتها وقبولها، لتلّهى بجمعها وتعدادها، فيقول صليت كذا وصمت كذا وفعلت كذا.. والصحيح أن المقوّم لكل عمل هو نية قرب الله تعالى، وإنما يحتاج السالك لتكرار العمل وتكثيره رجاء انبعاث نور طلب الحق في قلبه، ثم بعد وصوله يكثّر الأعمال شكرًا لنيل قرب الله.
إن عالم الكثرة من شؤون الأبدان أما شأن قلب السالك هو الوحدة "صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى".
البدن يكدّ وتكثر منه الأعمال أما القلب فيتنسم من كل عمل ريح قلب الله وريحانه.
ولذلك صار أفضل زاد السالك إلى الله "عزم إرادة يختار الله بها" وهو عزم محله القلوب "وقد ناجاك بعزم الإرادة قلبي".
أين محل صنع عزم إرادة قرب الله تعالى ؟
اللهم صلّ على الدليل إليك في الليل الأليل، والماسك من أسبابك بحبل الشرف الأطول.
سيد الخلق محمد المصطفى الذي هو حريص على المؤمنين وهو بهم رؤوف رحيم، هو الذي فتح لنا باب معرفة الله، وشقّ صراط قربه ودلنا نحن الحيارى عليه ومدّ لنا يدًا من محلة قربه.
في يوم مبعثه الشريف دعانا إلى محله وهو محل لا يتحمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه بالإيمان، محل سطوع نوره حيث يلزمنا غض البصر "غضّوا أبصاركم لتجوز فاطمة".
محل نحتاج فيه إلى ظل يحمينا ويهيء نفوسنا لدوام قرب الله تعالى .
" اللهم واهدنا سواء السبيل واجعل مقيلنا عندك خير مقيل في ظلٍ ظليل".
ليكن يوم المبعث النبوي الشريف الذي فضّله الله وجلّله بكرامته وأنزله أعظم منزل وأحله بأكرم محل: صدر المصطفى صلى الله عليه وآله، محل لصنع الإرادات وتثبيت منصة العروج إلى رضا الله ورضوانه.
يتبع..