مكتبة أشهر النور - من زرع حصد |1|
من زرع حصد
|1|
أمطار الرحمة الإلهية (يوم المبعث الشريف)
صحيح أنه موسم زرعٍ إلهي تنمو وتترعرع فيه الأعمال في كل عام لتبلغ ذروتها ويحين حصادها في ليلة القدر، ثم توزع المُؤن في يوم العيد!
صحيح أن هذا الموسم الإلهي، يبدأ بإطلالة هلال شهر رجب!
ولكن! لا بد من الوقوف على بعض أسرار هذا الشهر المبارك الذي يُمطر الله تعالى فيه الرحمة فتُصبّ بغزارة على الرجبيّين!
هو شهر ببركته يصبح القلب مؤهلاً ليكون القلب السليم، القلب المنيب، القلب التقي، القلب الورع!
هو شهرٌ له خصوصية وامتياز!
اختُص بذكرى النعمة، نعمة مبعث الحبيب المصطفى «واذكروا نعمة الله عليكم».
وامتاز في احتضانه ذكرى ولادة مَن بولايته كان كمال الدين وإتمام النعمة (ميلاد أمير الموحدين) علي (عليه السلام)، فاجتماع ذكرى مولد الأمير وذكرى البعثة إشارة إلى الترابط بين أكبر نعمتين اختُصّ بها الإسلام والمسلمون في هذا الشهر المبارك !
ويظهر هذا الترابط في ليلة ۲۷ رجب حيث أن أفضل الأعمال زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) باعتبار {اتحاد الوصي والموصى} وأن أمير المؤمنين نفس رسول الله، فبهذا الشهر تجلّت أعظم نعم الله.
(روي عن الإمام محمد الجواد عليه السلام أنه قال: إن في رجب ليلة هي خير للناس مما طلعت عليه الشمس، وهي ليلة السابع والعشرين منه، نبّئ رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صبيحتها، وإن للعامل فيها من شيعتنا أجر عمل ستين سنة) وهي ليلة المبعث!
إن قلب المؤمن في شهر رجب، منتعش بهاتين المناسبتين الأساسيتين لعنصرين من أصول الدين؛ وهما: النبوة، والإمامة!
فلولا هذا النور الذي انبثق في شهر رجب الأصبّ؛ لما كنا على ما نحن عليه الآن من هذه النعم!
فإن الرحمة التي في هذا الشهر؛ هي من بركات هاتين النعمتين!
علّ المؤمن في هذه الذكرى، المبعث الشريف، يسأل الله -تعالى- أن يبعثه! فكما أن الله -عز وجل- بعث نبيّه، يبعث عبده: لا بمعنى النبوة، إنما يبعثه من جديد، ويجعل له نقلة في حياته. فكما كانت هناك نقلة في حياة النبي (صلوات الله عليه وآله)! كان بإمكان المؤمن أيضاً أن يسعى لأن تكون له نقلة، تُغيّر مجرى حياته في هذا اليوم المبارك!
والمؤمن عندما يذكر عليّ يقول عبارة: (عليه السلام) وهذا السلام هو من الله -عز وجل- ومن رسوله، ومن الملائكة المقربين، ومن عباده الصالحين! يقول تعالى في سورة "يس": ﴿سَلامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ فهذا السلام بالدرجة الأولى نزل على قلب المصطفى، وبالدرجة الثانية على قلب وليّه المرتضى -عليه السلام-؛ هذا معنى السلام: {فهو السلام، ومنه السلام، وإليه يعود السلام}.
فأيها المؤمن! أيها الرجبيّ!
تيقظ ولا تغفل! التمس "البعثة" لحياتك واطلب "السلام" لقلبك فيُفاض عليك من بركات هاتين النعمتين! التمسهما بذكر واستغفار وتهليل وصلوات ودعاء! واجعل قلبك يهيم بها ويرددها بشوقٍ وأنين!
فلعل المولى الكريم ينظر إليك بنظرة رحيمة يرضى بها عنك فتُصب عليك أمطار الرحمة صبّا! فيتجدّد إيمانك وينمو السلام والطمأنية في قلبك!
فهو شهر الله الأصبّ؟!فمن زرع فيه حصد؟