عاشوراء - شمس وإن ظللها الغمام |14|
ديننا
شمس وإن ظللها الغمام
|14|
(أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء؟)
عندما يتوجه الإنسان إلى الله عزّ وجلّ قاصدًا معرفته وقربه فهو يتوجه بعقله وبقلبه إلى عالم الغيب، ولكنه يقلّب بصره في أرجاء هذه الدنيا ويتأمل في باطن نفسه باحثاً عن آيات ربّه الهادية التي تكشف له سبحات هذا الغيب: "سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" سورة فصلت، آية 53.
أمّا العارفون بالله تعالى فقد أدركوا ان أعظم آية بها يُعرف الله حق معرفته وبها تكشف عوالم الغيب والشهود هو ولي الله في أرضه، ولذلك يتوجّه الأولياء إلى الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) .
كما ورد في الحديث أنه خرج الحسين بن علي عليهما السلام على أصحابه فقال: أيها الناس إن الله عز وجل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه، فقال له رجل: يا بن رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله؟
قال: معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته. بحار الأنوار/ج23.
إن معرفة الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هي صورة معرفة الله تبارك وتعالى، وإن مظهر معرفة الله والتوجه إليه هو التوجه إلى الإمام صاحب العصر والزمان. فالذي يريد أن يتوجه إلى الله تعالى الذي هو غيب من أي باب يتوجه إليه؟ من أي جهة؟ ما هي أعزّ الجهات؟
إن النظر إلى الكعبة المشرفة عبادة، لأنها آية لله ومحل النسك والشعائر التي تقرّب من الله.
والنظر إلى القرآن عبادة، لأنه صورة وألفاظ كلام الله سبحانه وتعالى ومحل معرفته.
والنظر إلى العالم عبادة لأنه دليل إلى الله بقوله وفعله.
ولكن لا شيء يشبه النظر إلى الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) فهو آية الله الكبرى، وهو قرآنه الناطق وهو الدّال عليه والهادي إلى سبيله.
ولذلك يضج العارفون التائقون إلى لقاء الله:
أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء؟