www.tasneem-lb.net

مكتبة أشهر النور

أشهر النور - المناجاة الشعبانيّة |4|

المناجاة الشعبانيّة

|4|

 

إنّ الله تعالى لا يحرم عبده بما هو خير له، ولو أنّ شخصًا ورد على كريم لم ينتظر منه سوى الكرم والعطاء، فكيف يكون الحال حين يرد العبد الضعيف على ربّ العباد الرحيم، وبالأخصّ حين تكون هذه الحاجة ملحّة وقد أفنى الإنسان عمره في طلبها منه تعالى، وزد على ذلك إن كانت حاجة للحياة الأخرويّة، وهي طلب الغفران والعفو.

وبعد اطمئنان العبد إلى عفو الله، يسلك مقام الحمد والثناء على الله؛ “فلك الحمد أبدًا أبدًا دائمًا سرمدًا، يزيد ولا يبيد كما تحبّ وترضى”؛ حمدًا تحبّه متواصلًا لا يدعو إلى التعب والملل، بل حمدًا يزداد يومًا بعد يوم.

ثمّ ينتقل العبد بعد كل ما ذكر إلى مقام القرب الشديد من الله، بحيث يبدأ بالكلام الذي يستجلب به عطف الباري تعالى فيقول له: “إلهي إن أخذتني بجرمي أخذتك بعفوك، وإن أخذتني بذنوبي أخذتك بمغفرتك، وإن أدخلتني النار أعلمت أهلها أنّي أحبّك”.

أعلى درجات الاطمئنان في محضره تعالى، وهو يعرف أنّ كلامه في هذه الحال مقبولًا، وهو من أنواع المناغاة بين حبيبين.

وبعد هذه العبارات التودّديّة، يعود العبد إلى حالة الأدب مع الله بمنتهى اللطف والدقّة؛ ليستذكر أنّه مهما فعل من أعمال فإنّ عمله قاصر عن أداء حقّ العبوديّة لله. ولكن في الوقت عينه، فإنّ العبد يطمح أن ينال من جود الله وكرمه، ويرجو ما عند الله من رحمة رجاءً لا يمكن أن يخيب منه "إِلهِي إِنْ كانَ صَغُرَ فِي جَنْبِ طاعَتِكَ عَمَلِي فَقَدْ كَبُرَ فِي جَنْبِ رَجائِكَ أَمَلِي"

يقضي الإنسان حياته بين صحو وغفلة، بين ذنب وتوبة. وهذه الحالات تعرض عليه بحسب الحالات التي يمرّ بها. ولكي يستعطف الإنسان ربّه، يعترف في محضره أنّه نادم ومتحسر وخجل ممّا بدر منه، وقد عبّر عن حالة الغفلة التي هو عليها بالسُّكر الذي يُذهب العقل، ويضيع العمر، وأنّه كان يمكنه أن يتجنّب حالة الغرور إلا أنّه لم يستيقظ إلّا بعد انقضاء العمر وضياع الفرص، فاستوجب بذلك سبيل سخط الباري "إِلهِي كَيْفَ أَنْقَلِبُ مِنْ عِنْدِكَ بِالْخَيْبَةِ مَحْرُوماً وَقَدْ كانَ حُسْنُ ظَنِّي بِجُودِكَ أَنْ تَقْلِبَنِي بِالنَّجاةِ مَرْحُوماً، إِلهِي وَقَدْ أَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي شِرَّةِ السَّهْوِ عَنْكَ وَأَبْلَيْتُ شَبابِي فِي سَكْرَةِ التَّباعُدِ مِنْكَ، إِلهِي فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ أَيَّامَ اغْتِرارِي بِكَ وَرُكُونِي إِلَى سَبِيلِ سَخَطِكَ"

يتبع..


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد