www.tasneem-lb.net

مكتبة أشهر النور

أشهر النور - المناجاة الشعبانيّة |5|

المناجاة الشعبانيّة

|5|

 

   إنّ من واجبات العبد أن يشكر ربّه أن أخرجه من ذلّ المعصية، وأعاده إلى عزّ العبوديّة، وأيقظه من حالة السكر والغفلة التي كان عليها في أيّام الجهل، وشمله لطف الله وعنايته لكي يخرج من مستنقع الفساد الذي هو عليه "إِلهِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ قائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ إِلَيْكَ، إِلهِي أَنَا عَبْدٌ أَتَنَصَّلُ إِلَيْكَ مِمَّا كُنْتُ أُواجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحْيائِي مِنْ نَظَرِكَ وَأَطْلُبُ الْعَفْوَ مِنْكَ إِذِ الْعَفْوُ نَعْتٌ لِكَرَمِكَ"، ولولا رحمة الباري تعالى لما استطاع أن يتغلّب على هذه القوّة المضادّة التي تصارع الخير داخله.

  • والعمل بشكل عام يحتاج إلى شرطين لتحقّقه:
  • وجود طاقة جسميّة للقيام به، وطاقة روحيّة تدفعه للحركة.
  • الوعي والإدراك.

وهذان الشرطان ينطبقان أيضًا على أفعال العبادة، مضافًا إلى ما أشار إليه الشيخ اليزدي من وجود صراع داخلي بين الخير والشرّ داخل الإنسان للمباشرة بالعبادة بشكل خاص. وهو ما أراد الإشارة إليه الإمام زين العابدين (ع) في المناجاة أنّ الرغبة في العمل ليس شرطًا كافيًا للقيام به، وخاصّة بما يتعلّق بالعبادة، فإنّ ذلك هو توفيق إلهي صرف، فكيف إذا كان الإنسان غارق بالذنوب، وأراد أن يخرج منها، وفي هذه الحالة هو يحتاج إلى جهد إضافي، ومزيد من التوفيق واللطف الإلهيين.

فصحيح أنّ الإنسان مخلوق مختار، وعمله نابع من رغبته وإرادته على القيام به، إلّا أنّه لا يمكنه أن يتغلّب على أهوائه بدون عون الله ومساندته. كما تدخل البلاءات ضمن هذا التوفيق الإلهي الذي يدفع الإنسان لمراجعة حساباته في موضوع الخير واختياره الحسن على القبيح، وهو أمر ليس بسهولة ما يتصوّر البعض، خاصّة حين تتداخل الأمور، ويمتزج الحقّ بالباطل، فيصبح من الصعب تمييزهما، أو ربّما اختيار الخير خاصة إذا تعارضت مع مصالحه الشخصيّة، وتعارضت مع راحته الدنيويّة التي يأنس عادة بها. لذا، يعبّر بالقول “في وقت أيقظتني لمحبّتك، وكما أردتني أن كون كنت”

هذا التوفيق منّة الله على الإنسان حصرًا، ولولاه لبقي على حاله، أمّا الحبّ الموجود بين الله والإنسان فهو أعلى وأفضل مراتب الجاذبيّة، ذلك لأنّ الله يمتلك أعلى مراتب الإدراك والشعور. وهذه الجاذبيّة واعية ونابعة من الشعور وإن كانت في البداية ذات طرف واحد، هو الله، لكنّها ستنتهي حتمًا إلى الطرفين إن استجاب الإنسان إليها، وكيف لا يستجيب العبد لهذا الحبّ، حبّ وعشق من يحسن إليه، والله سبحانه وتعالى عظيم المنّ والعطاء؟

يتبع..


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد