أشهر النور - نفخات نورانية من المناجاة الشعبانية |3|
ديننا
نفخات نورانية من المناجاة الشعبانية
|3|
(إلهي أنا عبدٌ أتنصلُ إليكَ مما كنتُ أواجهكَ به، من قلةِ استحيائي من نظرِك وَأطلبُ الْعَفوَ مِنكَ إِذِ العَفوُ نَعتٌ لكرَمك)
في هذه الفقرة من المناجاة يعلم أميرُ المؤمنين (عليه السلام) الإنسانَ المذنبَ الذي تجرّأ على مولاه وفعل الذنوب والمعاصي كيف ينبغي أن يكون ذليلاً متضرعاً خجولاً من ارتكابه للآثام، متعهداً له بعدم الرجوع إلى تلك الحالة التي كان فيها، فيقول:
"إلهي أنا عبد أتنصل إليك.."، فكلمة أتنصل هي بمعنى تحرير السهم مع الضغط الشديد على القوس، بحيث لا يمكن بعدها أن يرجع السهم إليه.
فكأنه يقول: إلهي أنا العبد المذنب الذي يعيش تأنيب الضمير ويشعر بالحسرة والحرقة والندم، سأبتعد وأنفر بسرعةٍ وبقوةٍ عن حالتي السابقة التي كنت أتجرأ فيها وأتمرد وأتجاوز الحدود وأفعل الآثام من قلة حيائي وسكرة شبابي واستخفافي وإهمالي، حيث جعلني ذلك أرتكب تلك الأعمال القبيحة في محضرك، فإنّي يا ربي لن أعود إليها أبداً، تمامًا كالسهم الذي يُطلَق ولا يرجع إلى القوس أبدًا، فلقد كنت غافلًا تائهاً جاهلًا، ولم ألتفت إلى أنّك حاضرٌ وترى قبائحي وسوء أعمالي.
فها أنا يا ربي قد شملني عطفك ولطفك الإلهي، واستيقظت من غفلتي لأرجع إليك متضرعاً، مطأطئ الرأس من الخجل والحياء، نادماً تائباً لاجئاً لائذاً، طالباً منك الستر والعفو والغفران، فأنت أهل الكرم العفو والمغفرة، فأخرج من قلبي الظلمة وقذارات الغفلة، واجعل مكانها النور والصفاء والضياء.
بقلم الشيخ محمد سعد.