www.tasneem-lb.net

الإمام جعفر الصادق(ع)

الدور السياسي للإمام الصادق - عليه السلام - (من كلام للإمام الخامنئي دام ظله)

الدور السياسي للإمام الصادق - عليه السلام -

(من كلام للإمام الخامنئي دام ظله)

 

تحمّل الإمام الصادق (عليه السلام) مسؤولية مواصلة المسيرة في ظروف معقّدة وصعبة للغاية.

فالانتفاضات تنشب في طول البلاد وعرضها، والولاة منهمكون بجمع الأموال والثروات الطائلة، والطاعون والقحط يضرب مناطق واسعة منها خراسان والعراق، والجهاز الحاكم يبطش دون رحمة، ويخلق حالة من الذل والخنوع بين الناس.

والمنشغلون بالعلوم الإسلامية من فقه وحديث وتفسير لم يكن خطرهم غالباً يقلّ عن خطر الساسة والحكّام، وهم الذين يفترض بهم أن يكونوا ملاذ الناس وملجأهم، كثير من هؤلاء كانوا يدبّجون الفتاوى ليرضوا السلطان والولاة. وكثير منهم كانوا يشغلون أنفسهم ويشغلون الناس بتوافه الأمور، ويثيرون النزاعات الكلامية الفارغة التي لا تمتّ بصلة إلى الإسلام وإلى معاناة الجماهير.

مهمة الإمام الصادق(عليه السلام) في هذه الظروف المظلمة هي ما ذكرناه بشأن مهمة الإمامة، وتتلخص في طرح الفكر الإسلامي الصحيح، أي تبيين الإسلام كما جاء في القرآن وسنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مع مكافحة كل الانحرافات والتشويهات الجاهلة والمغرضة، وكذلك التخطيط لإقامة نظام العدالة الإسلامية، وصيانة هذا النظام في حالة إقامته.

 كلا المهمتين: المهمة الفكرية والمهمة السياسية، تشكّلان خطراً كبيراً على النظام الحاكم. ليست المهمة السياسية وحدها تثير سخط السلطة، فالمهمة الفكرية أيضاً تلغي تلك الأفكار والمفاهيم المنحرفة التي قدمها السلطان ووعّاظه باسم الدين إلى المجتمع.

من هنا فإن العملية الفكرية لها الأولوية، لأنها تقضي على الزيف الديني الذي يستند إليه الجهاز الحاكم في مواصلة ظلمه. من جهة أخرى فإن الأوضاع السائدة مستعدة للفكر الشيعي الثوري، والحرب والفقر والاستبداد عوامل تغذّي روح الثورة، أضف إلى ذلك عامل الأجواء التي وفّرها نشاط الإمام الباقر (عليه السلام) في المناطق القريبة والنائية.

 إن الاستراتيجية العامة للإمامة هي النهوض بثورة توحيدية علوية. ومتطلّباتها هي:

أولاً: إيجاد مجموعة تحمل فكر الإمامة وتهضمه، وتتطلع بشوق إلى تطبيقه.

وثانياً: إيجاد مجموعة منظّمة مجاهدة مضحّية.

 وهذه المتطلّبات تستلزم بدورها نشر الدعوة في جميع أرجاء العالم، وإعداد الأرضية النفسية لتقبّل الفكر الإسلامي الثائر في جميع الأقطار، وتستلزم أيضاً دعوة أخرى لإعداد أفراد مضحّين متفانين يشكلون التنظيم السرّي للدعوة.

وهذا هو سرّ صعوبة الدعوة على طريق الإمامة الحقّة. فالدعوة الرسالية التي تستهدف القضاء على الطاغوت، وعلى التفرعن والتجبّر والعدوان والظلم في المجتمع، وتلتزم بالمعايير الإسلامية، لابدّ أن تستند إلى إرادة الجماهير وقوّتها وإيمانها ونضجها. خلافاً لتلك الدعوات التي ترفع شعار محاربة الطغاة، وهي تمارس في الوقت نفسه أعمال الطغاة والظلمة في حركتها، دون أن تتقيّد بمبادئ أخلاقية واجتماعية. فمثل هذه الدعوات لا تواجه صعوبات الدعوات الرسالية الهادفة، وهذا هو سرّ عدم تحقق أهداف حركة الإمامة على المدى العاجل، وهو أيضاً سرّ الانتصار السريع للحركات الموازية لحركة الإمامة (مثل حركة العباسيين).

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد