www.tasneem-lb.net

الإمام المهدي(عج)

الإمام المهدي عج - للإنسانيّة يومٌ موعود

للإنسانية يوم موعود

مقتطفات من بحث مهدوي للشهيد السيد محمد باقر الصدر
ليس المهدي تجسيداً لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب، بل هو عنوان لطموح اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها، وصياغة لإلهام فطري. وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مرِّ التاريخ استقرارها وطمأنينتها.
وحينما يدعم الدين هذا الشعور النفسي، ويؤكِّد أن الأرض في نهاية المطاف ستمتلئ قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً، يعطي لذلك الشعور قيمته الموضوعية ويحوله إلى إيمان حاسم بمستقبل المسيرة الإنسانية، وهذا الإيمان ليس مجرد مصدر للسلوة والعزاء فحسب، بل مصدر عطاء وقوة.
لأن الإيمان بالمهدي إيمان برفض الظلم والجور حتى وهو يسود الدنيا كلها، وهو مصدر قوة ودفع لا تنضب، لأنه بصيص نور يقاوم اليأس في نفس الإنسان، ويحافظ على الأمل المشتعل في صدره مهما ادلهمَّت الخطوب وتعملق الظلم، لأن اليوم الموعود، يثبت إن بإمكان العدل أن يواجه عالماً مليئاً بالظلم والجور فيزعزع ما فيه من أركان الظلم، ويقيم بناءه من جديد،  وتلك الهزيمة الكبرى المحتومة للظلم وهو في قمة مجده، تضع الأمل كبيراً أمام كل فرد مظلوم، وكل أمة مظلومة في القدرة على تغير الميزان وإعادة البناء.

إن الإسلام حوَّل الفكرة من غيب إلى واقع، ومن مستقبل إلى حاضر، ومن التطلع إلى منقذ تتمخض عنه الدنيا في المستقبل البعيد، المجهول إلى الإيمان بوجود المنقذ فعلاً، وتطلعه مع المتطلعين إلى اليوم الموعود، واكتمال كل الظروف التي تسمح له بممارسة دوره العظيم، فلم يعد المهدي (عليه السلام) فكرةً ننتظر ولادتها، ونبوءةً نتطلع إلى مصداقها، بل واقعاً قائماً ننتظر فاعليته وإنساناً معيناً يعيش بيننا بلحمه ودمه نراه ويرانا.
ويعيش مع آمالنا وآلامنا ويشاركنا أحزاننا وأفراحنا، ويشهد كل ما تزخر به الساحة على وجه الأرض من عذاب المعذبين وبؤس البائسين وظلم الظالمين، ويكتوي بكل ذلك من قريب أو بعيد. وينتظر بلهفة اللحظة التي يتاح له فيها أن يمدَّ يده إلى كل مظلوم وكل محروم، وكل بائس ويقطع دابر الظالمين.
ونحن حينما يراد منا أن نؤمن بفكرة المهدي بوصفها تعبيراً عن إنسان حي محدد يعيش فعلاً كما نعيش ويترقب كما نترقب، يراد الإيحاء إلينا بأن فكرة الرفض المطلق لكل ظلم وجور التي يمثلها المهدي، تجسَّدت فعلاً في القائد الرافض المنتظر، الذي سيظهر وليس في عنقه بيعة لظالم كما في الحديث، وإن الإيمان به إيمان بهذا الرفض الحي القائم فعلاً ومواكبة له.
وهنا نلاحظ إن هذا التجسيد أعطى الفكرة زخماً جديداً، وجعل منها مصدر عطاءٍ وقوة بدرجة أكبر، إضافة إلى ما يجده أي إنسان رافض من سلوة وعزاء حين يحس أن إمامه وقائده يشاركه هذه الآلام ويتحسَّس بها فعلاً بحكم كونه إنساناً معاصراً، يعيش معه وليس مجرد فكرة مستقبلية.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد