www.tasneem-lb.net

وطني

سعادة وحب - أحياء.. ولكن لا تشعرون..

أحياء.. ولكن لا تشعرون..

قصة قصيرة عن الشهيد المجاهد حيدر صوفان ساقي العطاشى "ما تتركوا شي على الماما" نادى "حيدر" إخوته، وهو يحمل المكنسة ويهم بالصعود إلى السطح الذي يبعد طابق واحد عن المنزل، شرع برش المياه التي بدت وكأنها تتبخر كلما لامست الأرض، نظّف الأرضية، فرش المائدة وبينما كان يمسح جبينه ناداه ذلك الصوت: "حيدر بنيّ أنت صائم وهذه الأعمال تجهدك انتظر كي يبرد الطقس قليلاً". 
" لا بأس يا أم حيدر، لا أشعر بالعطش يا حبيبتي، ولم يبقَ الكثير لموعد الآذان" 
لم تمضِ ثلاثون دقيقة حتى أنهى حيدر عمله، وعندما اقتربت الشمس من المغيب بدا المكان وكأنه روضة هُزّت فيها أجمل الورود رائحة.
"اوه! ساقي العطاشى سقانا البرودة النفسية والجسدية معاًً" قال عباس الذي لم يتجاوز الثانية عشر من عمره والفرحة تلألأت في عينيه، احتضن حيدر أخاه بشدّة بعد أن ضحكا سويّة.
كل أفراد المنزل لقّب حيدر بـ ساقي العطاشى نظراً لكل ما كان يقوم به، من اهتمامه بوضع مياه الشرب في الثلاجة إلى تنظيف السطح بشكل يومي حرصاً على راحة أهله بأن يفطروا بظل طقس معتدل نظراً لعدم وجود وسيلة تبردة في المنزل، حتى أنه كان يحرص على الجهوزية التامة للمائدة بأن لا يشوبها نقص كي لا ينهض أحد عن الطعام.
توجه حيدر إلى المطبخ نزولاً، أتى بالمياه موصياً حوراء بالوالدة "لا تدعيها تجهد نفسها"..
"لا تقلق يا ساقي العطاشى" ردّت حوراء مبتسمة بعد أن أومأت برأسها لأخيها بالموافقة الأكيدة..
..أذّن المؤذن "الله أكبر" جلس الجميع في غرفة المعيشة.. تارة ينظرون إلى المائدة وتارة أخرى ينظرون إلى بعضهم البعض بدون أن يهمس أحد ببنت شفة، أغمضت أم حيدر أجفانها وتنهّدت حابسة نهر دموع بَنَت له سدّاً مؤقتاً وقالت: سلام الله على قلب ساقي العطاشى الذي سقاك يا ولدي فارتويت.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد