خواطر وأشعار - زهرة النرجس

زهرة النرجس
رحلة حياة

هو حلم راودني..
ولم أقصص رؤياي على أحد..
تركتُ خواطري تسرح ولم انبس ببنت شفة..
هجرتُ بكُلّي..
وأنا هنا في جبال بينالود..
على رابية من روابيها حيث نبات الراوند 
خرجتُ من الأرض..
أسمتني أمي "نرجس"..
وأدركتُ موطني الأصلي..
اذ لم ينقلني المستعمرون كمثيلاتي..
 وإن ادّعوا أن أصولي أوروبية..
أنا لست مجهولة النسب..
نسبي مشهدي..
أجل.. قصدت عارفًا بالأنساب وأكد لي ذلك..
ومنذ ذلك الحين وأنا على موعد جميل مع الحياة..
قاومتُ برد الشتاء وصقيعه وثلوجه..
فقدتُ أحبتي وبقيتُ وحيدةً انتظر..
إلى أن لاح الربيع بنسائمه..
جال بطرفه على الثلوج التي دثرتني.. نفضت النسائم حبيبات المطر.. وجففت بتلاتي شمس الرضا.. 
وذات انفجار صبح..
لاح لي من الأفق البعيد طيف ملائكي..
دققتُ في أمره.. 
تيقنتُ أنه لم يكن باحثًا عن نبات الراوند الذي يقصده القاصدون..
ابتسمتُ على غير عادتي في مواقف مماثلة..
فاليوم ستكون نهايتي أم أنها أم البدايات ..
بانَ مزدانًا بوشاح أخضر..
والأمرُ بيننا أخضر..
لمس ساقي..برفقٍ حاول نزع الروح مني..
دغدغني حينها كطفلة تقاذفتها الريح وعادت إلى حضن أبيها..
لم اشعر بالغربة وقتذاك..

واندفع بي نحو المنحدر.. 
كان يسابق الزمن..
عجبتُ من أمره..
أسندني على متكئٍ في آلة كبيرة ..
خيّم الصمت إلى أن أدار آلة أخرجت صوت الحانٍ موسيقية..
وتوجه نحو مقصده..
مكان تعج فيه الأصوات بصنوف اللغات..
مكتظ بالأبشار.. 
تماسكتُ خشية الانكسار فاحتواني بوشاحه..
تدافع بين الوافدين..
وبصوت مليء بالحب نادى..(يا ولي البركات)..
قذفني تجاه علوٍّ مذهّب ..
تطايرتُ بفضل انفاس المحيطين بالمكان..
أجل ..
وصلتُ وضحكتُ ضحكةً طويلة..
وجدتُ مثيلاتي يقهقهن.. والمكان يزدان بهجة ورونقًا..
فأنا التي انتظرت موعدي طويلًا  بين الوافدات..

بانت لي كبيرة النرجس..
نادتني..
وأسرت لي..
بعد أيام .. سيحضر المهتمون لأمرك..
وبرفق سينزعون اوراقك.. 
وتجفف..
لتوزع في أكياس صغيرة..
وتجول بعدها العالم..

فواحدة مصيرها قبر شهيد تطفئ دمعة أم وزوجة وطفلة..
وثانية تتبرك بها عاقر لتكون على موعد انجاب بعد طول انتظار..
وثالثة تُدب الحياة بمسحة منها على وجه مريض عجز عن شفائه الأطباء ..
أدركت حينها أن هذا تأويل رؤياي.. صرخت بأعلى الصوت (عشق مَن.. رضاية مَن)
حبيبي يا الرضا..