www.tasneem-lb.net

السيدة فاطمة (ع)

السيدة فاطمة (ع) - فاطمة (عليها السلام) الحوراء الإنسية |2|

فاطمة (عليها السلام) الحوراء الإنسية
|2|
 
أي مظلومية أعظم؟
 
القرآن الكريم يصف الحور العين في سلوكهم العملي بقوله: حورٌ مقصوراتٌ في الخيَام الرحمن/٧٢ 
وهذا السلوك بلا شك مقارن لوضعهنّ الروحي والواقعي، فالسلوك في ذلك العالم ما هو إلا ظهور للباطن.
 
تعبير مقصورات في الخيام يشير إلى شدة احتجاب الحور، واقتصارهنّ على البقاء في خيم الجنّة، وهي بلا شك ليست كخيام الدنيا، ولم تصف الآيات نوع هذه الخيام، لأن الآيات تهدف إلى الإشارة إلى مسألة مهمة جداً وأساسية في إرتباط هذا السلوك العملي بنعيم إلهي هانىء لا يكذبه سليم الفطرة فبأي آلآء ربكما تكذبان 
 
نسأل : ما هو وجه النعيم في الاحتجاب؟ 
لقد أوجب الإسلام الحجاب على المؤمنات لأنه كلما تعمّق الإيمان في باطن النفس كلما كانت له آثار عملية والحجاب كاشفاً عن صلاح المرأة والحفاظ على المصالح الاجتماعية وصيانة المجتمع من الوقوع في الانحرافات الأخلاقية، فالحفاظ على السلوك الاجتماعي النزيه مطلب عقلائي وهو كذلك أحد فرائض الشرائع الإلهية كلها.
 
ولكن إذا دقّقنا في الآية التي تصف الحور ونساء الجنة بأنهن محتجبات، بل في غاية الخفاء، بحيث تقتصر حركتهن في الخيام، سنجد أن هذه المصلحة والحفاظ على السلامة الاجتماعية وعدم وقوع المفاسد ليست هي الغاية النهائية من هذا الاحتجاب، إذ أن عالم الجنة مأمون من كل أنواع الفساد الفردي والاجتماعي، وكذلك ليس في تلك النشأة توالد وتكاثر وتناسل، فحدوث اختلاط الأنساب ووقوع الفوضى الاجتماعية أمرٌ منتفٍ. 
 
ومن هنا نعرف أن هناك مصلحة ذاتية في الاحتجاب وتلك المصلحة محفوظة في تلك العوالم، ولعله يصح أن نعبّر عنه بـ البعد الأخلاقي للحجاب .
 
إذًا الحجاب فضيلة عليا في حد نفسه وآثاره تتجاوز الحد الاجتماعي بكثير .
ففي الحجاب خيرات روحية ومعنوية وربانية ونعيم واقعي مطلق لا يقتصر وجوده على عالم دون آخر، وسيرة الزهراء (عليها السلام) مليئة بشواهد على ذلك: روي أنه لـمـا سـئـل عـنـهـا عــن قـول الـرسـول صـلى الله عليه وآله: "أي شيء خير للمرأة؟ قالت: (أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل)- بحار الأنوار/ج٤٣.
 
لقد ارتضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جواب الزهراء (عليها السلام) من بين كل الإجابات التي أوردها كبار الصحابة ومنهم سلمان وابن عباس وغيرهم وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (إن فاطمة بضعة مني) بحار الأنوار/ج٤٣.
 
لقد ارتضى (صلى الله عليه وآله وسلم) جواب الزهراء سلام الله عليها الذي حمل معنى (الاحتجاب) الذي يشبه سلوك وسيرة حور الجنة فقد عرفه وميّزه لأنه جواب حوريّ. 
 
إن أحد أسماء الله تعالى الباطن والمحتجب والفلسفة الحقيقية للحجاب هي ظهور هذا الاسم في سلوك المرأة وفي شخصها وأن تتعرف به، ومن هنا يتضح أن جواب الزهراء (عليها السلام) هو جواب حوريّ يتكىء على فهم عميق جداً للشريعة وآثارها ومقاصدها البعيدة. 
 
ثم إذا استقام لك المعنى فانظر إلى من كانت ترى أن خيرها وحفظ حوريتها وصيانة مقامها يكون في شدة احتجابها وهي مستعدة أن تدافع عنه بكل كيانها، فإذا بها تدفع به عدوّها... فأي مظلومية أعظم من هذه؟ 
فاليوم أخشع للذليل وأتقي ضيمي وأدفع ظالمي بردائيا 
يتبع ..


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد