معالي الدعاء - مكارم الأخلاق |1|
تربيتنا
مكارم الأخلاق
|1|
دعاءٌ تربوي
لأهل العرفان والحبّ الإلهي، كلماتٌ تروي لهيب الشوق للمعبود.
فهل هناك، من بين مؤلفات العارفين، وأشعار المتصوفين، أبلغ من خطاب إمامٍ عابد مولعٍ بمولاه؟
ودعاء مكارم الأخلاق إنّما تلهج به القلوب، بترفّعٍ عن حاجات الدنيا، وتقصد ربّ هذه النفس، كي يوقظ قابلياتها لعملية التخلّق بطيب المزايا، ويربّي فيها أسمى فضائل الأخلاق كإصلاح ذات البين، وكظم الغيظ، وخفض الجناح، وطيب المخالقة. ويقتلع منها سوء الخصال، كالغيبة والغش والقطيعة والأذية.
فهل يستطيع الإنسان حقًّا أن يغيّر من طبائع فطرته؟
إن منشأ طبائع الفرد تأتي من اتجاهين:
بالوراثة والخلقة التكوينية.
بعوامل التربية الأبوية.
لكنّ المفهوم السائد حول عدم إمكانية تغيير سجايا النفس هو اعتقاد خاطئ ومتناقض مع مقتضى العدل الإلهي.
فكيف يحاسب اللهُ الناسَ على تصرفٍ بغير إرادتهم!
وحقيقة الأمر، الذي يتمثل فيه جوهر دعائنا هذا، أن على المؤمن مجاهدة هواه ومراقبة أفعاله وتكرار التصرف الصائب لكي تعتاد نفسه على الخُلق الحسن فيصبح مَلَكة ثابتة لديه.
فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام "إن الخُلُق منيحة يمنحها الله عز وجل خَلْقه، فمِنه سجية ومنه نية.. صاحب السجية، هو مجبولٌ لا يستطيع غيره وصاحب النية يصبر على الطاعة تصبّرًا، فهو أفضلهما" الإمام الصادق عليه السلام، ]الكافي/ ج٢ /ص١٠١ [.
هل الدعاء يغني عن العمل وبذل الجهد؟
يجب أن لا يخطر ببالنا أن الدعاء وحده كفيل بانتزاع صفات السوء من باطننا، بل إن مراد الدعاء هو عكس هذا الكلام!
فالسالك المربي لنفسه، عليه أن يعتقد بقدرة الله الكاملة، مما معناه أن مجاهداته وأعماله مهما صغرت أو تعاظمت، هي تحتاج إلى عون وتسديد إلهي.
وكمثال على ذلك، ما نعرفه عن معركتَيْ بدر وحنين، عندما كان المسلمون في أشدّ المعاناة وقلة الإمكانات، فرفعوا أيديهم بالدعاء، "إذ تستغيثون ربّكم.." وواجهوا العدو بهذه المعنويات وبروحية الدعاء والمدد الغيبي الذي لولا الإعتقاد به لانهاروا وهُزموا.
عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: "الداعي بلا عمل كالرمي بلا وتر" وسائل الشيعة-ج7.