أعياد - هنيئاً لمن شهد عرفة دائماً
ديننا
هنيئاً لمن شهد عرفة دائماً
عَرفَة.. وما أدراك ما عَرفة؟ عَرفَة ليست للحجاج فقط!
هو يَومٌ مُبارك، ويَومٌ عَظيم، هو أفضلُ يَومٍ من أيام السنة، كما أن أفضل ليلةٍ من ليال العام هي ليلةُ القَدر، وفيها يُفرق الأمر الحكيم ومن أدرك شَهر رمضان ولم يُغفر لَه فَلا غفران له! فكذلك الأمر في عرفة!
قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن جبرائيل استقبلني فقال: يا محمد، مَن أدرك شهر رمضان فلم يُغفر له فيه؛ فمات، فأبعده الله! مستدرك الوسائل للطبرسي/ج7.
فلرحمة الله الواسعة وحبّه لعباده هوّن عليهم الأمر!
أجل! فمن دَخلَ الضيافة العظمى في شهر رمضان ولم يُغفر له فمحطته الأخيرة للغفران هي أن يشهَدَ عرفة!
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: من لم يُغفر له في شهر رمضان، لم يُغفر له إلى قابل؛ إلا أن يشهد عرفة.، الكافي للكليني/ج4.
فيوم عرفة له بركات عدّة منها:
1. أن نفس المكوث في عرفة من موجبات نزول الرحمة! وخاصة إذا كان الحاج خاشعًا متوسلًا ومتذللاً!
ولكن! بعيدًا عن بقعة عرفة هل يستطيع الإنسان أن يعيش بَعضَ المشاعر المُميزة وهو خارج الحَج.
إن يوم عَرفة هو يَومُ العِتقِ من النار، فإذا أخذ المؤمن زاويةً في البيت، أو في المسجد، وبكى وخشع، عند القيام بمستحبات ذلك اليوم ومنها قراءة دُعاءَ الحُسين (عليهِ السلام) في يوم عَرفة بإقبالٍ! فإنه يكون قد شَهِد عرفة وفاز الفوز المرغوب بإذنه تعالى!
2. إن الحج عرفة، فمن ذهَب إلى الحَج، وقام بالمناسك المطلوبة ودعا ربه بخشوع وطمأنينة في يوم عرفة بالذات بدُعاء بَليغ؛ فَقَد قطَفَ ثَمرة الحَج!
وكذلك فمن أتقن الإكثار من المستحبات والدعاء في العشرة أيام الأولى من شهر ذو الحجة بخشوع وطمأنينة وبالأخص في يوم عرفة المبارك، وهو في الوطن فقد وصل إلى الفوز المرغوب!
3- من بركات دعاء الحسين (عليه السلام) في عرفة:
إن المؤمن كُل يَوم لَهُ عَرفَة، لا عند العَصر فحسب من يوم عرفة! وإنّما في كل ليلة وعند السحر من الليل!
فمن قرأ هذه الفقرة من دُعاء الإمام الحسين (عليه السلام) في صلاة الليل: يَا مَوْلَايَ! أَنْتَ الَّذِي أَنْعَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ، أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَافَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ، تَبَارَكْتَ رَبِّي وَتَعَالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ دَائِماً، وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً..
ويقول في المقابل: أَنَا الَّذِي أَخْطَأْتُ، أَنَا الَّذِي أَغْفَلْتُ، أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ، أَنَا الَّذِي هَمَمْتُ، أَنَا الَّذِي سَهَوْتُ، أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ، أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ، أَنَا الَّذِي وَعَدْتُ، أَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ، أَنَا الَّذِي نَكَثْتُ، أَنَا الَّذِي أَقْرَرْتُ ألا تناسب هذه الفقرات الخاشعين في قيام الليل!
ومن يَلهَج بالتهليل اليونسي في صلاة ليله: لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، ألا يناسب هذا اللهج ما قاله الحُسين (عليهِ السلام) في دُعاءِ عرفة: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ الرَّاغِبِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِينَ الْمُسَبِّحِينَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبِّي وَرَبُّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ؟
فهنيئاً لمن شهد عرفةٍ دائماً وهنيئاً لمن كان من الفائزين في عرفة، وفي جوف الليل، وفي كل لحظة من لحظات حياته .