قرآناً عجباً - أضواء على سورة الأنبياء |2|
هدى للناس
أضواء على سورة الأنبياء
|2|
(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِر عَلَيْه..) (آية 87).
كيف يظنّ نبيّ من الأنبياء بعدم قدرة الله عليه مع أنّ مقتضى الإيمان الإذعان بعموم قدرة الله تعالى.
إن كلمة (نقْدِر) هنا ليس فعلاً من القدرة، بل يراد منها معنى التقدير أو التضييق .
● ويحتمل أن يكون تفسيره: فظنّ أن لن نضيّق عليه، من قولـه تعالى: ( وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُه) أي ضُيِّق عليه.
وقد ضيّق الله على يونس عليه السلام أشدّ التضييق ضيّقه على معذَّب في الدنيا، لأنه سُجن في بطن الحوت.
( وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) (الآية 95).
ما معنى أن يكون عدم رجوعهم حراماً.
1. فسّر الكسائي ـ تبعاً لابن عباس ـ الحرام بالواجب.
2. ويمكن أن تكون (لا) هي التي تسمى في العربية بِلا الزائدة، وأن المعنى: حرام على القرية التي نزل عليها العذاب رجوعُهم.
3. وهناك وجه ثالث في تفسير الآية، وذلك أن قولـه في الآية التي سبقتها: (فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِه وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُون).
وهو يتضمّن الفسحة لكل إنسان لعمل الصالحات وتثبيتها وكتابتها في سجلّ أعماله، فاستدرك على ذلك بأنّ القرية التي ينزل عليها العذاب لا تبقى لأهلها فسحة لذلك، لأنّهم لا يرجعون للدنيا حتى يعتبروا بما حدث لهم، فيؤمنوا ويعملوا الصالحات.
ومن الواضح أنّ الحرمة على الوجهين الثاني والثالث هي الحرمة التكوينية أي الامتناع لا الحرمة التشريعية.