قرآناً عجباً - أضواء على سورة آل عمران |5|
هدى للناس
أضواء على سورة آل عمران
|5|
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ..) - آية 17 -.
1. كيف تكون التوبة على الله مع أنها من فعل العبد.
التوبة بمعنى الرجوع، وكما تنسب للعبد تنسب لله تعالى، لأنه إذا رجع العبد وأناب إلى ربّه يرجع الله إليه أي ينقطع إعراضه عنه، ولذلك نسبت لله تعالى في كثير من الآيات حتى صار التّوّاب من أسمائه الحسنى. ومعنى الآية أنّ التوبة التي التزمها الله سبحانه على نفسه إنما هي للذين يعملون الذنب بجهالة ثم يتوبون من قريب، فهؤلاء الذين يستحقون رحمته التي كتبها على نفسه، كما قال سبحانه: (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة).
2. إذا كان ارتكابهم للسوء بجهالة لم يكونوا عصاةً فلمَ يستحقون العقاب.
ذكر العلماء أن الجهالة بمعنى السفاهة، لا الجهل المطلق المقابل للعلم، فتنطبق على ارتكاب المعصية لغلبة الهوى ونحو ذلك، ولعلّ إلى هذا يشير الحديث عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في تفسير هذه الآية: يعني كل ذنب عمله العبد وإن كان به عالماً فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه، وقد قال في ذلك تبارك وتعالى يحكي قول يوسف لأخوته: هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.
ميزان الحكمة/ج4.